فصبر واحتسب، وما رؤي جزعًا قط، فهذا ممن سمع العلم فانتفع به، والحديث فأخذ به.
وقال إبراهيم بن الجنيد: قلت ليحيى بن معين: أيما أحب إليك أكتب جامع سفيان عن فلان أو فلان، وعددت جماعة من أصحاب سفيان، أو عن رجل آخر عن المعافى؟
فقال: عن رجل عن رجل، حتى عد خمسة أو ستة، عن المعافى أحب إليَّ.
وقال بشر: وكان المعافى يحفظ المسائل، وعن رباح بن الجراح العبدي: ربما أتى المعافى بقصعة فيها أرد هالج، فيأكل هو وأصحابه حين خف ماله، أفناه الكرم والحقوق.
وعن محمد بن نعيم قال: كان المعافى موسرًا، فكان إذا جاءه طعامه أرسل إلى أصحابه ما يكفيهم سنة، وكانوا خمسة وثلاثين، أو أربعة وثلاثين رجلا.
وقال بشر: قتلت الخوارج ولدين للمعافى، ذبحتهما، فما تبين عليه بشيء، وأطعم أصحابه، ثم قال: آجركم اللَّه في فلان وفلان، عزاهم، هكذا يكون الصبر.
وذكر أبا إسحاق الفزاري وغيره، فقدم المعافى عليهم، وقال: خرج من الدنيا، وكان صاحب دُنيَا واسعة وضياع كثيرة.
قال أبو زكريا: والمعافى رجل جليل القدر والخطر في العلم، وعند أهل الحديث والفهم به من أهل الأمصار، وكان من العلماء الحكماء الذين يخشون اللَّه تعالى إن شاء اللَّه تعالى، رحل في طلب العلم إلى الأمصار؛ فكتب عمن أدرك من علماء الحجاز، وأهل البصرة، وأهل الكوفة، وأهل الشام، ومصر، والجزيرة، والموصل، وكان كثير الكتاب، كثير الشيوخ جدا أخبرت عن ابن أبي نافع، أخبرني أبي، وأبو عبد اللَّه الأغر أن المعافى قال: لقيت ثمان مائة شيخ.
ولما ذكره ابن حبان في "كتاب الثقات" قال: كان من العباد المتقشفين في الزهد تُوفِّيَ في ولاية هارون سنة خمس وثمانين ومائة.
ونسبه ابن السمعاني ظِهريا، بكسر الظاء وسكون الهاء ثم راء، إلى ظهر بطن من حميد، وقال: كان أحد الزهاد، انتهى.
قال ابن ماكولا: من قاله بكسر الظاء فقد أخطأ.
وفي "طبقات ابن سعد": كان يفتخر به أهل الموصل.
وفي "تاريخ ابن أبي خيثمة" عن أحمد بن يونس: المعافى بن عمران صدوق اللهجة، وسمعت رباح بن الجراح يقول: مات المعافى بن عمران سنة تسع