فقال: بل أرى كرمًا، فأنشد: [الطويل]
مُعاويَ ألا تُعطينا الحَقَّ تَعْرِف ... لِحى الأزدِ مَسْند ولا عَلَيها العَمائِمُ
أَيَشتُمُنا عَبدُ الأراقِمِ ضلَّة ... وَماذا الَّذي تُجدِي عَلَيكَ الأراقِمُ
فَما لِيَ ثَأرٌ دُونَ قَطعِ لِسانِهِ ... فَدونَكَ مِن تُرضهِ عَنكَ الدَراهِمُ
أَلَم تَبتَدِركُم يَومَ بَدرٍ سيوفنا ... وَلَيلُكَ عَمّا نابَ قَومَكَ نائِمُ
وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي أَنَا أَعْبُدُهُ ... لَتُصْطَعِقَنَّ يَوْمًا عَلَيْكَ الْمَأْثَمُ
قال أبو الفرج الأصبهاني: قدم وفد الأنصار على معاوية، وعليهم النعمان، فقالوا لحاجبه: استأذن للأنصار، فلما استأذن لهم قال عمرو: ما هذا اللقب الجديد؟
اخرج فقل: من كان هاهنا من أولاد عمرو بن عامر فليدخل، فدخل ناس، ولم يدخل الأنصار، فقال: من كان هاهنا من الأنصار، فلم يدخل أحد.
فقال: من كان هاهنا من الأوس والخزرج فليدخل، فلم يدخل أحد، فقال معاوية: هذا عملك، اخرج فأذن للأنصار، فدخلوا يقدمهم النعمان، وهو يقول: [الكامل]
يَا عَمْرُو لا تُعِدِ الدُّعَاءَ فَمَا لَنَا ... نَسَبٌ نُجِيبٌ بِهِ سُوى الأنصارِ
نَسَبٌ تَخَيَّرَهُ الإلَة لِقَوْمِنَا ... أَثْقِلْ بِهِ نَسَبًا عَلَى الْكفَّارِ
إِنَّ الْذِينَ فَرُّوا بِبَدْرِ مِنْكُمْ ... يَوْمَ الْقَلِيبِ هُمْ وَقُودُ النَّارِ
وكان جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم ورجل آخر ليشهدا غزوة له فيما قيل، فاستصغرهما فردهما، وكان النعمان عثمانيًا، وشهد مع معاوية صفين، ولم يكن معه من الأنصار غيره.
وكان كريمًا عليه، مرضيًا، أثيرًا، مقدمًا، مكينًا عنده، وعند يزيد بعده، ولما أمر معاوية لأهل الكوفة بزيادة عشرة دنانير لكل واحد، وكان النعمان عليها؛ لم ينفذ لهم ذلك، لرأيهم في علي، فكانوا يسألونه، فيأبى، ويقول لهم على المنبر: لا ترون على منبركم بعدي من يقول: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقال عبد اللَّه بن همام السلولي من أبيات: [الطويل]
زيادَتنا نعمانُ لا تحبسنّها ... خفِ اللَّه فينا والكتابَ الذي تتلوا
وقد نلت سلطانًا عظيمًا فلا يكن ... لغيرك جمّات النّدى ولك البخل
وأنت امرؤ حلو اللسان بليغه ... فما باله عند الزيادة لا يحلوا
فقال: واللَّه لا أجيزها أبدًا، وعن خالد بن كلثوم: خرج النعمان في ركب من قومه،