وفي "تاريخ المنتجالي": سئل أبو داود: من كان أثبت في الليث: يحيى بن بكير، أو أبو صالح؟
فقال: سمعت يحيى بن معين يقول: يحيى بن بكير أحفظ، وأبو صالح أكثر كتبًا. وقال: أبو مسلم قال: أملى علي أبي، قال: سمعت من يحيى بن بكير شيئًا كثيرًا، وكنت أجلس إليه، فكان يمر بنا عبد اللَّه بن عبد الحكم فنسلم عليه، فيسيء الثناء عليه، وكنت أجلس إلى عبد اللَّه بن عبد الحكم فيجوز يحيى فيسلم عليه، فيتبعه بالثناء ويقول: شيخ من شيوخنا، ومفتي بلدنا، ومحدثهم، فأقول في نفسي: أشهد باللَّه إنك خير منه، تتبعه بثناء حسن، ويتبعك بثناء سوء.
ثنا ابن عبد الأعلى، قال: سمعت أبا إسماعيل الترمذي، قال: سمعت يحيى بن بكير يقول: رأيت في المنام كأن بيدي مكنسة أكنس بها المسجد، قال: فسألت معبرًا فقال: يموت أقرانك وتبقى.
وقال أحمد بن خالد بن بكير: هذا هو الذي عرض له مع بعض الخلفاء الحكاية التي حدثني بها أبو عثمان أنه امتحن: هل القرآن مخلوق؟
وأشار: هذه الأربعة مخلوقة: التوراة، والإنجيل، والزبور، والقرآن، قيل لأحمد: عمن تذكر هذه؟
قال: حدثني بذلك ابن وضاح وغيره، قيل: أراد بالأربعة أصابعه، وأنها مخلوقة.
وفي كتاب "الموالي" للكندي: هو مولى عمرة مولاة أم حجير بنت أبي ربيعة بن المغيرة المخزومية، وكان فقيه القضاء بمصر في زمانه، مولده سنة ثلاث وخمسين. وقال ابن وزير: ثلاثة بمصر أخبث الناس لسانًا، لا يعرف لأحد منهم ولاء صحيح: ابن عفير، وأصبغ، وابن بكير. وتوفي ابن بكير سنة إحدى وثلاثين ومائتين، ولما قدم البكري القاضي بمصر، وقضى قضية العمرة في أن أهل الحرس من العرب؛ أسقط كل من شهد لهم، وكان أصحاب العمرة القاضي وخاصته عبد العزيز بن مطرف، وسابق بن عيسى، وأبو داود النخاس، وهو كان أجل مكانة، وسعيد بن عفير، ويحيى بن بكير، فلم يسقط البكري منهم إلا ابن بكير، فإنه أقامه للناس، وربطه إلى العمود الذي يقابل باب إسرائيل.
وقال أبو أحمد ابن عدي: كان جار الليث بن سعد، وهو أثبت الناس في الليث، وعنده عن الليث ما ليس عند أحد.