وقلبت، فيقول: هذا الحديث كذا، وهذا كذا، فيكون كما قال.
وفي "تاريخ المنتجالي": لما مات غلقت الحوانيت، وحضر النساء والرجال. وقال عباس: لما اشتد به وجعه قال: مثلي يموت بالمدينة، فلما دفن في جوار النبي صلى اللَّه عليه وسلم، قال: وسمعته ينشد: [الطويل]
ألا ليت شعري عن بني بعيد ما ... يُمهد لي في قبلة الأرض مضجع
وعن وصل إخوان إني بالموت دونهم ... أيرعون ذاك الوصل أم يتقطع
وهل يصل الإخوان إلا محافظ ... من القوم مرعي الأمانة مقنع
وقال يحيى: ما رددت على يحيى بن سعيد شيئًا قط إلا سكت عنه، ولا رددت على عبد الرحمن شيئًا قط إلا ضرب عليه.
قال عباس: وأنشدنا أيضًا لعبد اللَّه بن إدريس: [الطويل]
ومَا لِي مِنْ عَبْدٍ وَلا مِنْ وَلِيدَةٍ ... وَإِنِّي لَفِي فَضْلٍ مِنَ اللَّهِ وَاسِعِ
بِنِعْمَةِ رَبِّي مَا أُرِيدُ مَعِيشَةً ... سِوَى قَصْدِ حَالٍ مِنْ مَعِيشَةِ قَانِعِ
وَمَنْ يَجْعَلِ الرَّحْمَنُ فِي قَلْبِهِ الرِّضَا ... يَعِشْ فِي غِنًى مِنْ طَيِّبِ الْعَيْشِ وَاسِعِ
إِذَا كَانَ دِينِي لَيْسَ فيه غميرة ... وَلَمْ أَشْرِهِ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَطَامِعِ
وَلَمْ أَبْتَعِ الدُّنْيَا بِدِينٍ أَبِيعُهُ ... وَبَائِعُ دِينِ اللَّهِ مِنْ شَرِّ بَائِعِ
وَلَمْ تَشْتَمِلْنِي الْمُرْدَيَاتُ مِنَ الْهَوَى ... وَلَمْ أَتَخَشَّعْ لامْرِئٍ ذِي تَصَانُعِ
جَمُوعٌ لِشَرِّ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ... وَضَنِينُ بِقَوْلِ الْحَقِّ لِلزُّورِ رَاتعِ
وقال محمد بن الحسين لمحمد بن أبي السري: ما تقول في يحيى بن معين؟ فقال: ذاك لسانه الحديث.
ولقيه يحيى بن وضاح بمنى وببغداد. وأكثر من وصف فضله.
وقال النسائي: كان هؤلاء الأربعة في عصر واحد: أحمد، وإسحاق جمعا الحديث والفقه، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني يعرفان الحديث دون الفقه. وفي "تاريخ بغداد": كان يحيى من قرية نحو الأنبار، يقال لها: نِقْيا، ويقال: إن فرعون كان من أهل نقيا، وكان معين يكنى: أبا علي.
أنبا أبو نعيم، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا إسحاق بن بنان، قال: سمعت ابن مبشر الفقيه، قال: لما كان آخر حجها يحيى خرج على المدينة، ورجع على المدينة فأقام بها يومين أو ثلاثة، ثم خرج حتى نزل المنزل مع رفقته، فناموا فسمع هاتفا: يا أبا زكريا؛