وقال حماد بن سلمة: ما كُنَّا نشبه ابن علية إلا بيونس بن عبيد؛ حتى أحدث ما أحدث. قال الخطيب: يعني ما تكلم به في القرآن.
وقال يحيى بن أبي طالب: كُنَّا مع أبي سلمة منصور بن سلمة الخزاعي فأراد أن يُحَدِّث عن زهير بن معاوية فسبقه لسانه فقال: ثنا ابن علية فقال: لا، ولا كرامة أن يكون ابن علية مثل زهير، ليس من قارف الذنب مثل مَنْ لم يقارفه، ثم قال: أنا واللَّه استتبت إسماعيل.
وفي "طبقات القُرَّاء" قال الحربي: حدَّث إسماعيل بحديث "تأتي البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو فرقان من طير تحاجان عن صاحبهما". قال: فقيل لابن علية ألهما لسان؟ فقال: نعم. فكيف يتكلمان؟ فقال: إنه يقول القرآن مخلوق إنما غلط.
قال الفَرَّاء: وقد روي عن إسماعيل في القرآن قول أهل الحق: وقال الفضل بن زياد سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن وُهيب وابن علية قلت: أيهما أحبُّ إليك إذا اختلفا؟ قال: وهيب، كان عبد الرحمن بن مهدي يختار وهيبًا على إسماعيل. قلت في حفظه؟ قال: في كل شيء، ما زال إسماعيل وضيعًا من الكلام الذي تكلم به إلى أن مات. قلت: أليس قد رجع وتاب على رءوس الناس؟
فقال: بلى، ولكن ما زال مبغضًا لأهل الحديث بعد كلامه ذلك إلى أن مات، ثم قال لي: ولقد بلغني أنه أدخل على محمد بن هارون فلما رآه زحف إليه وجعل يقول: يا بن يا بن؛ تتكلم في القرآن. قال: وجعل ابن علية يقول له: جعلني اللَّه فِداك زلة من عالم. زلة من عالم.
ردده أبو عبد اللَّه غير مرة وفخم كلامه -كأنه يحكي إسماعيل- ثم قال أبو عبد اللَّه: لعل اللَّه تعالى أن يغفر له بها -يعني: محمد بن هارون- لإنكاره على إسماعيل. قلت: يا أبا عبد اللَّه؟ إن عبد الوهاب قال: لا يحب قلبي ابن علية أبدًا قد رأيته في المنام كأن وجهه أسود. فقال أبو عبد اللَّه: عافى اللَّه عبد الوهاب، ثم قال: كان معنا رجل من الأنصار يختلف فأدخلني على إسماعيل فلما رآني غضب، وقال: مَنْ أدخل هذا عليَّ؟ فلم يزل مبغضًا لأهل الحديث بعد ذلك الكلام، لقد لزمته عشر سنين إِلا أن أغيب، ثُمَّ جعل يُحَرِّك رأسه كأنه يتلهف، ثم قال: وكان لا يُنْصِف في الحديث كان يُحَدِّث بالشفاعة، ما أحسن الإنصاف في كل شيء.