و"جزء القراءة خلف الإمام"، و"خلق أفعال العباد" للبخاري، وغيرها.
وقد اعتنى الحافظ أبو الحجاج المزي عند ترجمة كل راوٍ بذكر شيوخه وتلاميذه، مرتبين على ترتيب حروف الهجاء، ثم يذكر ما قيل في صاحب الترجمة من جرح وتعديل، ويختم الترجمة بذكر أسماء الذين خرَّجوا أحاديثه من الأئمة الستة في كتبهم، وفي أول الترجمة يثبت الرموز لهم، فيُبيِّن لك من أخرج لهذا الشيخ، ممَّا يحصر لك الاحتمال في تحديد الراوي، وقد حاول المزي في "تهذيب الكمال" الاستقصاء في ذكر الشيوخ والتلاميذ، لكن الاستقصاء التام ليس من قدرة البشر، لكنَّه غالبًا استقصى الكتب الستة؛ أي: الموجود فيها، مضيفًا إضافات كثيرة جدًّا من خارج الكتب الستة، فهو أوسع كتاب مفيد في هذه الناحية.
ولأهمية هذا الكتاب فقد اعتنى به كثير من العلماء، فهناك من قام بتهذيبه كالإمام الذهبي في كتابه "تذهيب تهذيب الكمال" والحافظ ابن حجر في كتابه "تهذيب التهذيب"، وهناك من لخَّصه كالإمام الخزرجي في "خلاصة تذهيب تهذيب الكمال".
وهناك من جاء وتمَّم هذا العمل الضخم، وأضاف إضافات في الشيوخ والتلاميذ، وهو الحافظ مغلطاي بن قليج الحنفي الذي أَلَّفَ الكتاب الذي بين أيدينا "إكمال تهذيب الكمال"، فاعتنى بتعقُّب المزي، وبالزيادة في هذا الكتاب في نواحٍ متعددة، في رواةٍ على شرطه لم يذكرهم، وفي زيادة تلاميذ وشيوخ لم يُوردهم، وفي إضافة ألفاظ جرح وتعديل فاتَت المزي أن يذكرها في الرواة الذين ذَكَرهم.
ومن يطلع على كتاب "إكمال تهذيب الكمال" يتأكد أنه لا تتم الفائدة من "تهذيب الكمال" إلا بهذا الكتاب، فهو بحق تكملة له من عالم جليل استدرك الكثير والكثير على علم من أعلام الجرح والتعديل الإمام المزي.
وقد وفقنا اللَّه لهذا الكتاب القيم والهام لطلبة العلم، وقد بذلنا كل الجهد والطاقة لإخراجه بالشكل الذي يرضي اللَّه عنا، ونحمد اللَّه تعالى أن وفقنا لإتمامه (١).
وفي الختام أسأل اللَّه عز وجل أن يُوفِّقنا جميعًا لما فيه رضاه، وأن يوفقنا لتحصيل العلم النافع والعمل به، إنه سبحانه وتعالى جوَّاد كريم، وصلى اللَّه وسلَّم وبارك على عبده ورسوله محمد، صلى اللَّه عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(١) نشير إلى أن الأحرف (غ، ف، ق، ك، ل) وما يتبع "يحيى" من حرف الياء، مفقودة من جميع المخطوطات التي استطعنا الحصول عليها.