وذكر الإمام أحمد في كتاب "الزهد" تأليفه: كان أبو الجوزاء يُواصل في الصوم بين سبعة أيام ثم يقبض على ذراع الشاب فيكاد يُحَطِّمها.
وفي قول المزي: قال البخاري في إسناده نظر ويختلفون فيه. نظر؛ لأن البخاري لم يقل هذا تضعيفًا له، إذ لو كان كذلك لما ساغ له إخراج حديثه؛ لأنا لم نعهد منه تضعيفًا لمن يخرج حديئه، وإنما قال هذا لأجل السند الذي ذكره، لأن فيه عمرًا النكري وهو ضعيف، وكذا جعفر بيانه أنه قال: ثنا مُسَدَّدٌ، عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، قال:(أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة ليس في القرآن آية إلا سألتهما عنها).
قال أبو عبد اللَّه: في إسناده نظر. ويؤكد ما قُلْنَاه قول المزي عن البخاري -ولم أره في "تاريخه الكبير"-: ويختلفون فيه - يعني: في الإسناد.
وقد كشف القناع في هذا أبو أحمد ابن عدي بقوله: يحدَّث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة، وأبو الجوزاء روى عن الصحابة وأرجو أنه لا بأس به، ولا تصح روايته عنهم أنه سمع منهم، ويقول البخاري: في إسناده نظر، إنه لم يسمع مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما لا أنه ضعيف عنده، وأحاديثه مُسْتَقِيمة مُسْتغنية من أن أذكر منها شيئًا في هذا الموضع. انتهى. فبهذا يتَّضح لك ما قلناه، واللَّه تعالى أعلم.
ولما ذكره ابن حبان في "جملة الثقات" قال: كان عابِدًا فاضِلا، وقال: عمرو النكري لم يكذب أبو الجوزاء قَطُّ. وفي تكنية المزي له بأبي عبد اللَّه نظر؛ لأني لم أر له فيه سلفًا. وقال خليفة بن خياط: قتل يوم الزاوية سنة اثنتين وثمانين.
وفي "كتاب المنتجالي": قال أبو الجوزاء: ما لعنت شعيئًا قَطُّ، ولا أكلت ملعونًا قَطُّ، ولا مَاريت إنسانًا قَطُّ. قال المنتجالي: منه ابن الزبير. وذكره ابن الجارود. وخرج مسلم حديثه عن عائشة:"كانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسَلم يستفتح الصلاة بالتكبير"(١). وقال ابن عبد البر في "التمهيد": لم يسمع أبو الجوزاء من عائشة.
وقال في "الإنصاف": يقولون: إِنَّ أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة وحديثه عنها إرسال.
(١) أخرجه مسلم ١/ ٣٥٧، ورقم ٤٩٨، وأبو داود ١/ ٢٠٨، ورقم ٧٨٣، وعبد الرزاق ٢/ ٨٩، ورقم ٢٦٠٢، وابن أبي شيبة ١/ ٣٦٠، ورقم ٤١٣١.