كما في ترجمة روح بن عبادة. قال الذهبي: تكلَّم فيه القواريري بلا حُجَّة، وقال الخطيب: ثقة. فاعتمد الذهبي توثيق الخطيب، وهو بذلك يقرر تقديم التوثيق على الجرح غير المُعلَّل.
وفي ترجمة أحمد بن منصور بن سيار، قال المزي: قال أبو داود: رأيته يصحب الواقفة -أي: الذين توقَّفوا في مسألة خلق القرآن- فلم أُحدِّثْ عنه. فقال الذهبي: هذا لا يُوجب تَرْك الاحتجاج به، وهو نوع من الوسْوَاس.
وفي ترجمة أسماء بن الحكم الفزاري، قال المزي: قال البخاري: لا يتابع على حديثه. فقال الذهبي: ما ذكره البخاري لا يقدح في صحة الحديث، إذ المتابعة ليست شرطًا في صحة كل حديثٍ؛ لأن في الصحيح عدة أحاديث لا تُعرف إلا من ذلك الوَجْه، كحديث:"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ".
وفي ترجمة أزهر بن عبد اللَّه بن جميع، لم يذكر المزي في حاله شيئًا. فقال الذهبي: كان أزهر بن عبد اللَّه ناصبيًّا يسبُّ.
وفي ترجمة أُبَي بن عباس بن سهل، قال المزي: ليس بالقوي، ولم يذكر سوى ذلك من حاله. فقال الذهبي: وضعَّفه ابن معين، وقال أحمد: منكر الحديث.
وقد امتلأ "التذهيب" بالفوائد والتعليقات، القيِّمة والنافعة، والزيادات الهامة، كما سلف بيانه، ممَّا دفع العلماء من بعده إلى الحرص على الانتفاع به، والاستفادة بما زاده الحافظ الذهبي فيه.
وممَّن استفاد به الحافظ ابن حجر في كتابه "تهذيب التهذيب"، حيث يقول: وقد أَلْحَقت في هذا المختصر ما الْتَقَطْته من "تذهيب التهذيب" للحافظ الذهبي، فإنه زاد قليلا، فرأيت أن أضمَّ زياداته لكمال الفائدة.
كذلك قام الحافظ تقي الدين محمد بن فهد المكي -صاحب "لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ"- بجمع زيادات الذهبي من "التذهيب"، وأضاف عليها زيادات ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، ودمج بين تلك الزيادات على ما في "التهذيب" في كتاب سماه "نهاية التقريب في تكميل التهذيب".
كما استفاد منه كثير من العلماء، ونقلوا عنه في مؤلفاتهم في علم الرجال، والتاريخ، وغيرها.