وفي "كتاب العسكري" كان ثوبان ممَّن انصرف مع الأخنس بن شريق يوم بدر، وولده هم مع الأخنس يدعون ولاءهم ويزعم ولده أنهم من العرب، روى عنه عبد الرحمن ابن أبي الجعد، وكان لعبد الرحمن بن ثوبان انقطاع إلى عمر بن الخطاب، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان من فقهاء أهل المدينة، وكان زمن ابن الزبير هو وابنه إبراهيم بن محمد مرتضى للإمام، وتوضع أموالهم على يده.
مات ثوبان بمصر، وقد أدخل بعضهم عبد الرحمن بن ثوبان في المسند، وليس يصح سماعه. وفي كتاب "الصحابة" للبرقي عن عاصم، قال: قال أبو العالية رُفيع: لثوبان نسب في اليمن لم ينته إليَّ علمه.
وفي كتاب "الكنى" لأبي أحممد الحاكم: توفي بمصر. وكذا قاله ابن قانع ولم يذكر غيره، وقال أيضًا الواقدي في "تاريخه". فقول المزي: وذكر عامتهم، يعني: المؤرخين، أن وفاته كانت بحمص، إلا خليفة فإنه قال: بمصر. مردود بما ذكرناه.
وقوله أيضًا: وقيل: إنه توفي سنة أربع وأربعين، وهو وَهْم، فقولٌ لم أره عند أحد من المؤرخين. وكأنه واللَّه أعلم، أراد تَوْهِيم صاحب "الكمال" في قوله: توفي سنة خمس وأربعين، فسبق قلمه إلى ما هو معروف قبل من أربع وخمسين، فكتب أربعًا، أو يكون قد وقعت له نسخة من "الكمال"، على العادة غير مهذبة فكتب ما فيها.
والذي عنده، أعني: صاحب "الكمال"، مقدمًا سنة خمس وأربعين، وكذا نقله عنه أبو إسحاق الصريفيني وغيره من العلماء، وهو الصواب عنه، وإن كنت لم أره عند غيره، فينظر. ولا تتسرع إلى تَوْهِيمه إلا بعد الإحاطة بأقوال جماعة العلماء، وذاك أمر متعذر، أو يكون قد نص على توهيم هذا القول بعض العلماء بالدلالة.
على أنني رأيت بخط يونس بن أحمد بن بركة الإربلي حاشية معزوة للحاكم أبي أحمد: أنه توفي سنة خمس وأربعين، ولم ينبئ في أي تصنيف للحاكم؛ فينظر. والذي رأيته في "الكنى" ما قدمته أولا، وأن وفاته سنة أربع وخمسين، واللَّه تعالى أعلم.
وقول المزي: روى عنه الحسن ولم يلقه. هو كلام البزار بعيْنه، أخذه ولم يعزه إلى قائله، وذلك أن البزار قاله في (باب الحجامة للصائم) في "مسنده". وقول المزي -أيضًا-: وقال أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي صاحب "تاريخ حمص"؛ فذكر كلامه إلى آخره، إنما نقله من "كتاب أبي سعيد ابن يونس" في "تاريخ مصر" مشعرًا أنه رأى كتابه، وليس كذلك، وله من هذا الشيء الذي لا يُحصى، وإنما تركنا التَّنبيه عليه لكثرته، ولأنَّا لو استوْفينا عليه ذلك لكان تصنيفًا على حدته، ولكنها نفثة مَصْدور،