برسقباد. ولما ارتدت ربيعة بالبحرين، ثبت الجارود على الإسلام بمن أطاعه ونزل البصرة، روى عنه أبو العلاء.
وقال ابن سعد: كان شريفًا في الجاهلية، وكان نصرانيًّا، ولمَّا أسلم حَسُن إسلامه، وكان غير مغموص عليه، ولما ارتد قومه قام فيهم وقال:
رَضِينَا بدين اللَّه في كل حادث ... وباللَّه والرحمن نرضى به رَبَّا
ووجه الحكم ابن أبي العاص الجارود يوم سُهْرَك، فقتل في عقبة الطين سنة عشرين، قال: ويقال لها اليوم: عقبة الجارود.
وكان ابنه المنذر سيدًا جوادًا، ولاه علي بن أبي طالب إصطخر، فلم يأته أحد إلا وصله. وولاه عُبيد اللَّه بن زياد ثغر الهند، فمات سنة إحدى وستين، أو أول سنة اثنتيْن وستين، وهو يومئذ ابن ستين.
وقال ابن إسحاق: قدم على النبي صلى اللَّه عليه وسلم سنة عشر. قال أبو عمر: أخشى أن يكون أحد كُنيَتيْه وَهْمًا، يعني: أبا عتاب، ويقال: أبو غياث. وسُمي الجارود؛ لأنه أغار في الجاهلية على بكر بن وائل فأصابهم وجردهم، وقد ذكر ذلك المفضل العبدي، فقال: [الطويل]
وَدُسْنَاهُمْ بِالْخَيْلِ مِنْ كُلّ جَانِبِ ... كَمَا جَرّدَ الْجَارُودُ بَكْرَ بْنَ وَائِلِ
فغلب عليه الجارود وعُرف به، قَدم على النبي صلى اللَّه عليه وسلم سنة تسع، وأسلم، وكان قدومه مع المنذر بن ساوي، ومن قوله لما أسلم: [الطويل]
شهدت بأن اللَّه حق وسارعت ... بنات فؤادي بالشهادة والنَّهْض
فأبلغ رسول اللَّه عني رسالة ... بأني حنيف حيث كنت من الأرض
قُتل بفارس، وقيل: بنهاوند مع النعمان بن مقرن. وفي كتاب "الدلائل" للبيهقي: أنشد الجارود لما قدم على النبي صلى اللَّه عليه وسلم: [الخفيف]
يا نبي الهدى أتتك رجال ... قطعت فدفدًا وإلا فلا
وطوت نحوك الصحاصح طير الانحال ... الكلال فيك كلا لا
كل دهماء يقصر الطرف عنها ... أرقلتها قلاصنا إرقالا
وطوتها الجياد يجمح فينا ... بكماة كالنجم يتلألا
تبتغي دفع بأس يوم عبوس ... أوجل القلب ثم هالا
فقربه النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وقال: "يا جارود؛ لقد تأخر قومك الموعد وطال عليهم الأمد. فقال: واللَّه يا رسول اللَّه، لقد أخطأ من أخطأك قصده، وعدم رشده،