أحَسِبْتَ أنَّ أباكَ يوم يَسُبُّنِي ... فِي الْمَجْدِ كَانَ الْحَارِثُ بْنَ هِشَامِ
أولَى قُريش بالْمَكَارِمِ كُلِّها ... فِي الْجَاهِلَيَّةِ كَانَ وَالإِسْلامِ
وأنشد أبو زيد عمر بن شبة للحارث بن هشام (١): [البسيط]
مَن كانَ يَسأَلُ عَنّا أَينَ مَنزِلُنا ... فَالأقحُوانَةُ مِنّا مَنزِلٌ قَمَنُ
إِذ نَلبَسُ العَيشَ صَفوًا ما يُكَدِّرُهُ ... طَعنُ الوشاةِ وَلا يَنبو بِنا الزَمَنُ
ولم يبق من ولده بعده إلا عبد الرحمن وأخته أم حكيم. ولما خرج عن مكة لم يبق أحد يُطعم إلا خرج معه يشبعه. روى عنه نوفل ابن أبي عقرب معاوية الكناني.
وفي "كتاب أبي نعيم": مات سنة سبع عشرة، وكانت تحته فاطمة بنت الوليد أخت خالد، فخلف عليها عمر بن الخطاب. وقال أبو أحمد العسكري: كان شريفًا مذكورًا.
وقال ابن الكلبي: استشهد يوم أجنادين، وكذا قاله أبو عبيد ابن سلام. وزعم الجهمي أن ذلك باطل.
وفي كتاب "الكامل" للمبرد: وزعموا أن قريشًا أرخت من موت أبيه هشام بن المغيرة، وأنشدوا زمان تداعى الناس بموت هشام. وروت عنه عائشة الصديقة رضي اللَّه عنها في "الصحيح"، سؤاله للنبي صلى اللَّه عليه وسلم عن الوحي وهي مشاهدة.
ونسبه ابن قانع: الحارث بن هشام ابن أبي أمية بن المغيرة، وأنشد الطبراني في هالك لابن هرمة: "الطويل"
فمن لم يرد مدحي فإن قصائدي ... توافق عندي الأكرمين سوام
توافق عند المشتري الحمد بالندى ... نفاق بنات الحارث بن هشام
وفي "تاريخ دمشق": جاء الحارث سهيل بن عمرو إلى عمر، فجلس بينهما، فجعل المهاجرون الأولون يأتون عمر، فيقول: هاهنا هاهنا، حتى صار في آخر الناس، فلما خرجَا قال الحارث لسهيل: ألم تر ما صنع بنا؟ فقال له سهيل: أيها الرجل؛ لا لوم عليه، ينبغي أن نرجع باللوم على أنفسنا، دعي القوم فأسرعوا، ودعينا فأبطأنا. فأتيَا عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعلت اليوم، وعلمنا أنا إنما أتينا من قِبل أنفسنا، فهل بشيء نستدرك به ما فاتنا؟ فقال: لا أعلمه إلا هذا الوجه. وأشار إلى ثغر
(١) انظر: شرح نهج البلاغة ١٨/ ٣٠٥.