راهوية، فإذا أول حديث أخرج في "جامعه" حديث حارثة في (استفتاح الصلاة)، فأنكره جدًّا، وقال: أول حديث في الجامع عن حارثة! .
ولما خرج الحاكم حديثه في "مستدركه" قال: كان مالك لا يرضى حارثة، وقد رضيه أقرانه من الأئمة. قال: ولا أحفظ في قوله: "سبحانك اللهم وبحمدك"، أصح من هذين الحديثيْن، حديث حارثة وحديث أبي الجوزاء. انتهى كلامه. وسنبيِّن فساده في الجزء الثامن عشر، إن شاء اللَّه تعالى.
ولما خرج ابن خزيمة حديثه في (كتاب الطهارة) شاهدًا في "صحيحه" قال: وحارثة ليس يحتج أهل الحديث بحديثه. وفي "كتاب ابن الجارود": ضعيف. قال: وقال محمد بن إسماعيل البخاري: حارثة لم يعرفه أحد.
وقال الساجي: منكر الحديمث. وقال الآجري عن أبي داود: ليس بشيء، قال عبد العزيز بن محمد: ضرب عندنا حُدُود -يعني: حارثة-. ولما ذكره أبو جعفر العقيلي في كتاب "الضعفاء" قال: قال ابن معين: مدني ضعيف، ليس بثقة.
وقال أبو نصر ابن ماكولا: ليس بالقوي في الحديث. وذكر ابن سعد شيئًا لم أره لغيره، وهو: حارثة ابن أبي الرجال، واسم أبي الرجال: عمران، كان له قدر وعبادة ورواية للعلم، مات سنة ثمان وأربعين ومائة بالمدينة، وكان ثبتًا في الحديث قليله، وكان مالك يقول: ما وراء حارثة أحط. انتهى.
لم أر أحدًا سمى أباه عمران غيره، ولا ذكر أن مالكًا أثنى عليه سواه، والمعروف عن مالك ما أسلفناه، واللَّه أعلم. فينظر.
وذكره يعقوب في (باب من يرغب عن الرواية عنهم وكنت أسمع أصحابنا يصعفونهم). وقال أبو عيسى الترمذي وأبو علي الطوسي، لما خرجا حديثه: قد تكلم فيه من قبل حفظه.
وذكر أبو بكر البيهقي في كتاب "معرفة السنن والآثار": أن الشافعي قال لبعض من حضره من مناظريه -يعني: محمد بن الحسن- في حديثه الاستفتاح: أحافظ من رويت عنه هذا القول ويحتج به وبحديثه؟ فقال عامة من حضره: لا ليس بحافظ. قال الشافعي: فكيف يجوز أن يُعارض برواية من لا يحفظ ولا يقبل حديث مثله على الانفراد رواية من يحفظ ويثبت حديثه. قال البيهقي: إنما أراد أبو عبد اللَّه: حديث حارثة عن عائشة.