حتى عافى اللَّه الرجل، وقام فحمل المحمل على عُنقه، وذهب إلى عياله.
قال أبو بكر: وثنا خالد بن خداش، ثنا المعلى الوراق، قال: كنا إذا دخلنا على حبيب أبي محمد قال: افتح جونة المسك؛ وهات الترياق المجرب.
قال أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن عبيد ابن أبي الدنيا: حدثنى محمد بن الحسين، حدثني موسى بن عيسى، عن ضمرة بن ربيعة، عن السري بن يحيى، قال: اشترى أبو محمد حبيب طعامًا في مجاعة أصابت الناس، فقسَّمه على المساكين، ثم خاط أكيسة فجعلها تحت فراشه، ثم دعا اللَّه، فجاء أصحاب الطعام يتقاضونه، فأخرج تلك الأكيسة، فإذا هي مملوءة دراهم فوزنها، فإذا هي حقوقهم فدفعها إليهم.
وذكر ابن عساكر في "تاريخه": أن سبب تعبده كان على يد الحسن البصري، وجاءته امرأة تشكو الفقر، فصلى، فقال: يا رب، إن عبادك يحسنون بي الظن، وذلك من سترك عليَّ، فلا تخلف ظنهم، ثم رفع مصلاه فإذا بخمسين فى رهمًا وأعطاها إياها. ثم قال: يا حماد؛ اكتم عليَّ ما رأيت حياتي، وقال عبد الواحد بن زيد: كان في حبيب خصلتان من خصال الأتقياء: النصيحة والرحمة.
وقال الحسن ابن أبي جعفر: مرَّ الأمير يومًا فصاحوا: الطريق، وبقيت عجوز لا تقدر أن تمشي، فجاء بعض الجلاوزة فضربها بسوطه ضربة، فقال حبيب: اللهم اقطع يده. قال: ما لبثنا إلا ثلاثًا حتى أُخذ الرجل في سرقة فقُطعت يده.
وقال مسلم: جاء رجل إلى حبيب، فقال له: لي عليك ثلاث مائة درهم. قال حبيب: اذهب إلى غد. فلما كان الليل دعا عليه. قال: فجيء بالرجل محمولا قد ضرب شقه الفالج. فقال: ما لك؟ قال: أنا الذي جئتك أمس ولم يكن لي عليك شيء. فقال له: تعود؟ قال: لا. قال: اللهم إن كان صادقًا فعافه. فقام الرجل كأن لم يكن به شيء.
وقال ابن المبارك: كان حبيب يضع كيسه فارغًا فيجده ملآنًا. وذكر أخبارًا كثيرة من كراماته، اقتصرنا منها على هذه النبذة، وذكر أن أشعث الحداني، وإسماعيل بن زكريا رَويَا عنه.
وقال أبو عمر في كتاب "الاستغناء": كان عابدًا فاضلا، زاهدًا ثقة وفوق الثقة، ولكنه قليل الحديث.