حدَّث سفيان بن عيينة عن حماد بحديث فقال: هات هات كان ذاك رجلا صالِحًا. وقال ابن المبارك: دخلت البصرة فما رأيت أحدًا أشبه بمسالك الأول من حماد بن سلمة.
وقال الأصمعي: ذكر ابن مهدي حمادًا، فقال: صحيح السماع، حسن اللقاء، أدرك الناس ولم يهتم بلون من الألوان، ولم يلتبس بشيء أحسن ملكه نفسه ولسانه، ولم يطلق على أحد، ولا ذكر خلقًا بسوء فسلم حَتَّى مات.
قال: ونظر الثوري إليه فقال: يا أبا سلمة؛ ما أشبهك إلا برجل صالح. قال: مَنْ هو؟ قال: عمرو بن قيس. وقال شعبة: ابن أخت حميد جزاه اللَّه خيرًا كان يفيدني عن محمد بن زياد.
وقال أحمد بن حنبل: ليس أحد أروى عن محمد بن زياد من حَمَّاد. وقال مسلم بن إبراهيم: عن حَمَّاد بن زيد قال: ما أتينا أيوب حَتَّى فرغ حماد بن سلمة. وقال الأصمعي: ثنا حماد قال: ربما أتيت حميدًا فقبَّل يدي. وقال عباس عن يحيى: حَمَّاد أعلم الناس بحديث خاله. وقال حماد: كنت إذا أتيت ثابتًا وضع يده على رأسي ودَعَا لِي. وقال هُدبة: رأيت حَمَّادًا وكان سُنيًّا.
وقال أبو بكر ابن أبي الأسود: أنبا أبو سلمة قال: حديث وهيب عن حماد بحديث أبي العشراء فقال: لو كان حماد اتقى اللَّه كان خيرًا له. فلما مات حماد قال لي وهيب: كان حماد أعْلمنا وكان سُنيًّا. وذكر أن محمد بن سليمان أرسل إليه ليسأله فامتنع، وقال: إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدًا، فإن وقعت مسألة فائتنا، وإن أتيت فلا تأتني إلا وحدك بغير خيل ولا رجال.
فلما جاءه الأمير جلس بين يديه، وقال: مَا لِي إذا نظرت إليك امتلأت رعبًا؟
فقال: ثنا ثابت عن أنس يرفعه: "إِن الْعَالِمَ إِذَا أَرَادَ بِعِلْمِهِ وَجْهَ اللَّهِ هَابَهُ كُلُّ شَيْءٍ".
وسأله قبول هدية قال: ورثتها من أبائي فأبى عليه الإباء وهو يومئذٍ جالس على حصير ليس في بيته غيره، ومصحف، وجراب فيه علمه، ومطهرة يتوضأ فيها.
وقال أبو أحمد ابن عدي: وفي هذه الأحاديث التي ذكرتها لحماد منه ما يتفرَّد به إِمَّا متنًا وإما إسنادًا، ومنه ما يشاركه فيه الناس، وحَمَّاد من أجلة المسلمين، وهو مُفْتِي البصرة ومُحَدِّثها ومقرئها وعابدها، وقد حدَّث عنه الأئمة مِمَّن هو أكبر سنًا منه: شُعبة، والثوري، وابن جريح، وابن إسحاق، ولحماد هذه الأحاديث الْحِسَان، والأحاديث الصحَاح التي يرويها عن مشايخه، وله أصناف كثيرة كتاب ومشايخ كثيرة، وهو من أئمة