وفي قوله أيضًا عن خليفة: مات سنة مائة أو إحدى ومائة. إخلال بما ذكره خليفة في "الطبقات" -إن كان رآه-: سنة إحدى عشرة ومائة.
وفي قوله: وقال يحيى بن بكير: مات سنة إحدى عشرة ومائة. نظر، وذلك أن ابن عساكر إنما نقل في كتابه: الإحدى عشرة عن سعيد بن كثير بن عفير فقط، والمزي لم يتعد في هذه الترجمة كتابه، فينظر.
وفي قول المزي: وقال الوقدي، وكاتبه ابن سعد: مات سنة اثنتي عشرة. نظر؛ لأن ابن سعد لم يقله من عنده، إنما ذكره عن شيخه فقال: أنبا محمد بن عمر قال: مات شهر. به، فكلا القولين واحد، ولكن المزي إنما أخذه من "كتاب ابن عساكر"، وابن عساكر فرقه في كتابه، فتارة قال: قال الواقدي. ومرة قال: قال ابن سَعْد. ولو كان المزي ينظر في أصل لما خفي عليه بعض هذا، وقد بينا في غير ما موضع أن المصنفين مقاصدهم مختلفة، فكان الأولى أن يعزوه لقائله، ويسلم، ويعلم مقصد ذلك المصنف.
وقد ذكر ابن سعد أثر كلام الواقدي: أنبا أبو عبد اللَّه الشامي قال: قلت لابن بهرام: متى مات شهر؟ قال: سنة ثمان وتسعين.
وفي قول المزي: قال أبو عبيد بن سلام: مات سنة مائة. إخلال؛ وذلك أن أبا عبيد روى عنه: سنة مائة، وقيل: سنة اثنتي عشرة. فتخصيص أحد القولين بالذكر يدل على عدم الاطلاع على غيره، والقولان عند ابن عساكر، ولقائل أن يقول: لعله جنح إلى الاختصار، لأنه لو كان كذلك لما ذكر القائلين وعددهم، ولكان يكتفي بواحد منهم، وليس له أن يقول: لعله يرجح عنده أحد القولين على الآخر؛ لأن هذا بات نقل، والترجيح لا يكون إلا بتنصيص معتمدٍ، أو بكثرة الأقوال؛ فإذا تكافأت الأقوال سقط الترجيح، فلم يبق إلا مجرد نقل. واللَّه تعالى أعلم.
وإنما طالبت المزي بهذا؛ لأنه لم يتعد "كتاب ابن عساكر"، وابن عساكر نقل ولم يرجح، فكان الأولى أن يأتي بمثل ما قاله؛ فإنه لم يخل منه إلا ما نبهنا عليه، ولو كان ما ذكرناه من عند غير ابن عساكر لكنا نعذره؛ لأنه ما اطلع عليه، ولأن نظره غالبًا لا يتعدى ما ذكرناه قبل من الكتب التسعة، على إخلاله أيضًا ببعض ما فيها من المقاصد على ما نبهنا عليه. واللَّه الموفق.