نعم-. فلما وقف عليه قال: أعزز عليَّ أبا محمد أن أراك معفرًا تحت نجوم السماء وفي بطون الأودية، شفيت نفسي، وقتلت معشري، إلى اللَّه أشكو عجري وبجري.
وفي كتاب ابن عساكر: ارتجز طلحة يوم أُحد بهذا الشعر: [الرجز]
نحن حماة غالب ومالك ... نذب عن رسولنا المبارك
نصرف عنه القوم في المعارك ... ضرب صفاح الكوم في المبارك
ولما انصرف النبي صلى اللَّه عليه وسلم من أُحد، قال لحسان: "قل في طلحة شيئًا"، فقال: [الطويل]
وطلحة يوم الشِّعب آسى محمدًا ... على ساعة ضاقت عليه وشقت
يقيه بكفيه الرماح وأسلمت ... أشاجعه تحت السيوف فشلت
وكان إمام الناس إلا محمدًا ... أقام رحى الإسلام حتى استقلت
وقال أبو بكر الصديق فيه رضي اللَّه عنهما: [البسيط]
حمى نبي الهدى والخيل تتبعه ... حتى إذا ما لقوا حامى عن الدِّين
صبرًا على الطعن إذا ولت جماعتهم ... والناس من بين مهدي ومفتون
يا طلحة بن عبيد اللَّه قد وجبت ... لك الجنان وزوجت المها العين
وقال عمر بن الخطاب: [البسيط]
حمى نبي الهدى بالسيف منصلتا ... لما تولى جميع الناس وانكشفوا
فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "صدقت يا عمر".
ولما قُتل قال مولى له يبكيه:
قتلوا ابن صَعْبة لا نموا في صاعد ... أبدًا ولا زالوا بحد أسفل
حمال ألوية ظلومًا وتره ... عند الخريبة لحمه لم ينتقل
وكان طلحة أبيض يضرب إلى الحمرة، مربوعًا إلى القِصر، أقرن، رحب الصدر، عريض المنكبيْن، إذا التفت التفت جميعًا، ضخم القدميْن، كثير الشَّعر، ليس بالجعد ولا بالسبط، حسن الوجه، دقيق العِرْنين، إذا مشى أسرع، وكان لا يغير شيبه، وقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم يوم أُحد: "هذا جبريل يحدثني: أنه لا يراك يوم القيامة في هولٍ إلا أنقذك منه (١) "، وكان طلحة من حكماء قريش، وعلمائهم، ودهاتهم.
(١) أخرجه ابن عساكر ٢٥/ ٧١.