وفي "تاريخ ابن أبي خيثمة": عن أبي حصين، قال: ما رأيت أحدًا أعلم من الشعبي، فقال له أبو بكر ابن عياش: ولا شريح. فقال: تريدني أكذب، ما رأيت أعلم من الشعبي.
وفي كتاب المنتجيلي: وُلد لسنتين مضتَا من خلافة عمر، وكان يقول: لولا أني زوحمت في الرحم، ما قامت لأحد معي قائمة. وقيل له عند الموت: ما تأمرنا؟ فقال: ما أنا بعالم وما تركت عالمًا. وما اجتمع إبراهيم والشعبي، إلا سكت إبراهيم.
وعن ابن عون، قال: كان الشعبي عريفًا، وعن عبيد بن عبد الملك، قال: دخلت على الشعبي وهو جالس على جلد سبع، فسألته عن شيء فأجابني، فلما ذهبت أخرج، قالت لي امرأة في البيت: ليس كما قال لك، إنما هو كذا وكذا، فرجعت فأعدت عليه المسألة، فقال كما قالت، وإذا هي أُم ولده.
وقال سفيان: خرج الشعبي إلى المدينة خرجة، فجاء وقد رجع عن عامة قول الكوفيين، فقال له إبراهيم: ما كان أغنانا عن خرجتك هذه. وقيل للشعبي: أين كتبك التي حفظت بها هذا العلم؟ فقال: ما كتبت منها واوًا ولا ألفًا، قيل: فكيف حفظت، قال: كان لي لسان نطوق وقلب وعَّاء. وقال أبو إسحاق الحبال في "أسماء رجال الشيخيْن": كان واحد زمانه في فنون العلم.
وقال ابن يونس: بلغ عبد العزيز بن مروان براعته وعقله، وطيب مجالسته، فكتب إلى أخيه عبد الملك أن يرسل الشعبي ففعل، وكتب إليه: إني آثرتك به على نفسي، فلا يمكث عندك إلا شهرًا أو نحو شهر.
وفي كتاب "من دخل مصر من الشعراء" للصولي: كان الشعبي يخرج من عند عبد العزيز، فلا يسأله أحد من أهل مصر عن شيء، فقال لهم يومًا: يا أهل مصر، إما أن تكونوا أعلم الناس فقد استغنيتم عني، أو أجهل الناس فما لكم حاجة إلى مثلي.
وفي "الكامل" للمبرد: لما وَجَّهه عبد الملك بن مروان إلى صاحب الروم فكلمه، قال له صاحب الروم بعد انقضاء ما بينهما: أمن أهل بيت المملكة أنت؟ قال: قلت: لا، ولكني من العرب، فبعث معي رقعة وقال: إذا أديت جواب ما جئت له، فأذ هذه الرقعة إلى صاحبك، فلما رجعت إلى الخليفة، وأعطيته جواب كتابه، وخبرته ما دار بيننا، نهضت ثم ذكرت الرقعة، فرجعت ودفعتها إليه، فلما ولّيت دعاني، فقال: أتدري ما في هذه الرقعة؟ قلت: لا. قال فيها: العجب لقوم فيهم مثل هذا، كيف ولُّوا أمرهم غيره. قال: أتدري ما أراد بهذا؟ قلت: لا. قال: حسدني عليك، فأراد أن أقتلك. قال: فقلت: