إن الذي جاء بالنبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتد
هلك الضماد وكان يُعبد مرة ... قبل الصلاة على النبي محمد
قال: فخرجت مرعوبًا حتى جئت قومي، فقصصت عليهم القصة، فخرج معي من قومي بني حارثة ثلاث مائة، إلى أن أتينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.
وذكر النيسابوري في كتابه "شرف المصطفى" عنه أنه قال: كان سبب إسلامي أن أبي لما حَضِرَته الوفاة أوصاني بصنم له، يقال له: ضماد، فجعلته في بيت وجعلت آتيه كل يوم مرة، "فلما ظهر النبي صلى اللَّه عليه وسلم سمعت صوتًا في جوف الليل راعني يومًا، فوثبت إلى ضماد مستغيثًا به، فإذا الصوت من جوفه يقول، فذكر الأبيات، قال: فكتمته الناس، فلما رجعوا من الأحزاب بيْنَا أنا في إبلي بطرف العقيق من ذات عرق راقد، إذا برجل على جناح نعامة وهو يقول: اليوم الذي رفع ليلة الثلاثاء مع صاحب الناقة العضباء في ديار أخوالي بني العنقاء، فأجابه هاتف عن شماله:[الرجز]
بشر الجن وأبلاسها
أن المطي قد وضعت أحلاسها
وكلأت السماء أحراسها
قال: فوثبت مذعورًا، وعلمت أن محمدًا مرسل، فقدمت عليه وأسلمت، وأنشدته شعرًا قلته، وهو:[الطويل]
لعمرك إني يوم أجعل جاهلا ... ضمادًا لرب العالمين مشاركا
وتركي رسول اللَّه والأوس حوله ... أولئك أنصارٌ له ما أُولائكا
كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي ... ليسلك في وعث الأمور المسالكا
فآمنتُ باللَّه الذي أنا عبده ... وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجَّهتُ وجهي نحو مكة قاصدًا ... أبايع خير الأكرمين المباركا
نبي أتانا بعد عيسى بناطقٍ ... من الحق فيه الفضل فيه كذالكا
أمين على الفرقان أوَّل شافعٍ ... وأول مبعوثٍ يجيب الملائكا
وقال أبو عمر: هو ابن مرداس ابن أبي عامر ابن حارثة بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سليم، وكان مرداس مصافيًا لحرب بن أمية، وقتلهما جميعًا الجن، ويقال: إنه ذهب على وجهه هائمًا، فلم يسمع له بخبر. وعباس القائل:[الكامل]