وفي كتاب ابن الأثير عن الأصمعي، قال: حدثني العمري أو غيره: أن عبد اللَّه بن جعفر أسلف الزبير بن العوم ألف ألف درهم، فلما قُتل الزبير، قال عبد اللَّه بن الزبير لابن جعفر: إني وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم. قال: هو صادق، فاقبضها إذا شئت، ثم لقيه فقال: وَهمت يا أبا جعفر؛ المال لك أنت عليه، فاختر إن شئت فهو له، وإن كرهت ذلك فله فيه نظرة ما شئت، وإن لم تر ذلك فبعني من ماله ما شئت، فقال: أبيعك، ولكني أقوم فقوم الأموال، ثم أتاه فقال: أحب ألا يحضرني وإياك أحد. قال: فانطلقا وأعطاه ابن الزبير مكانًا خرابًا وشيئًا لا عمارة فيه، وقوّمه عليه، حتى إذا فرغ قال ابن جعفر لغلامه: ألق لي في هذا الموضع مصلى، فألقى له في أغلظ موضع من تلك مصلى، فصلى ركعتيْن وسجد يدعو، فلما فرغ قال لغلامه: احفر موضع سجودي، فحفر فإذا عين قد أنبطها، فقال ابن الزبير: أقلني. قال: أما دعائي الذي أجابه اللَّه تعالى فلا أقيلك، فصار ما أخذ ابن جعفر أعمر مما في يد ابن الزبير، ولما توفي حمله أبان، فما فارقه حتى وضعه بالبقيع، وإن دموعه لتسيل على خديْه وهو يقول: كنت واللَّه خيرًا لا شر فيك، وكنت واللَّه شريفًا واصلا برًّا، ورُئي على قبره مكتوب، وأجمع أهل الحجاز، والبصرة، والكوفة، أنهم لم يسمعوا بيتيْن أحسن منهما، وَهُمَا:[الطويل]
مقيم إلى أن يبعث اللَّه خلقه ... لقاؤك لا يُرجى وأنت قريب
تزيد بلى في كل يوم وليلة ... وتُنسى كما تبلى وأنت حبيب
وقيل: توفي سنة خمس وثمانين، وقيل: كان عمره إحدى -وقيل: اثنتان- وتسعون سنة.
وذكر الأصبهاني: أنه أول من اتخذ الغلمان والمماليك للغناء وعلمهم إياه. وفي كتاب الكلاباذي: يقال: أنه عند وفاته صلى اللَّه عليه وسلم بلغ العشرين.
وفي كتاب ابن سعد: من ولده: جعفر، وعلي، وعون الأكبر، ومحمد، وعباس، وحسين، وعون الأصغر، وأبو بكر، ومحمد، وصالح، ويحيى، وهارون، وموسى، وجعفر، وحميد، والحسين، وجعفر، وأبو سعيد، وإسحاق، وإسماعيل، ومعاوية، وقثم، وعباس. ودعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لعبد اللَّه حين رآه يساوم بشاة، فقال:"اللهم بارك له في صفقته"، وفي لفظ:"في تجارته"؛ قال عبد اللَّه: فما بعت شيئًا ولا اشتريت إلا بُورك لي فيه؛ وكان يتختم في يمينه، وكان فوهه قد خرب وسقطت أسنانه، فكان يُعمل له الثريد والشيء اللين فيأكله.