وفي كتاب العسكري: توفي وله سبعون، قاله مصعب، وقال بعضهم: ابن ثمانين. قال أبو أحمد: وهذا أشبه من قول مصعب؛ لأن عام الجحاف سنة ثمانين لا شك فيه، وقال ابن عبد ربه: كان كاتبًا لعلي بن أبي طالب.
وقال المرزباني في "المعجم": له كنيتان: أبو جعفر، وأبو إسحاق، وكان أجود الناس كفًّا وأسخاهم، وهو القائل لما كثر اللوم عليه في إنفاقه ماله: [المديد]
لست أخشى خلة العدم ... ما نهمت اللَّه في كرم
كلما أنفقت يخلفه لي ... رب واسع النعم
وهو القائل في رواية عمر بن شبة: [البسيط]
ولا أقول نعم يومًا فأتبعها ... بلا ولو ذهبت بالمال والولد
ولا ائتُمنت على سرٍّ فبُحت به ... ولا مددت إلى غير الجميل يدي
وفي "تاريخ دمشق": كنيته أبو محمد، وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "جعفر أشبه خَلقي وخلُقي، وأنت يا عبد اللَّه أشبه خلق اللَّه تعالى بأبيك (١) "، وقال له أيضًا: "هنيئًا لك خُلقت من طينتي". وقال عبد الملك بن مروان: سمعت أبي يقول: سمعت معاوية يقول: رجل بني هاشم عبد اللَّه بن جعفر، ولكل شرف، لا واللَّه ما سابقه أحد إلى شرف إلا سبقه، وإنه لمن مشكاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، واللَّه لكأن المجد نازلا منزلا لا يبلغه أحد وعبد اللَّه نازل وسطه.
وذكروا أن أعرابيًّا وقف على مروان بن الحكم أيام الموسم بالمدينة، فسأله فقال: يا أعرابي؛ ما عندنا ما نصلك به، ولكن عليك بابن جعفر؛ فأتى الأعرابي باب عبد اللَّه، فإذا ثقله قد سار نحو مكة، وراحلته بالباب عليها متاعها وسيف معلق، فلما رأى الأعرابي عبد اللَّه أنشأ يقول: [الطويل]
أبو جعفر من أهل بيت نبوة ... صلاتهم للمسلمين طهور
أبا جعفر إن الحجيج ترحلوا ... وليس لرحلي فاعلمن بعير
أبا جعفر ظن الأمير بمالِه ... وأنت على ما في يديك أمير
أبا جعفر يا ابن الشهيد الذي ... له جناحان في أعلى الجنان يطير
أبا جعفر ما مثلك اليوم أرتجي ... فلا تتركني بالفلاة أدور
(١) أخرجه العقيلي في الضعفاء ٤/ ١٥٥، ترجمة ١٧٢٥، وابن عساكر ٢٧/ ٢٦١.