فللدِّين والدنيا بكينا وإنما ... على الدِّين والدنيا لك الخير يجزع
على ابن حواري النبي تحية ... من اللَّه إن اللَّه يعطي ويمنع
فتى كل عام مرتين عطاؤه ... وغيث لنا فيه مصيف ومربع
فصممت الآذان من بعد مصعب ... ومن بعد عبد اللَّه فالأنف أجدع
وفي "تاريخ دمشق": ذكره ابن عباس فقال: كان قارئًا لكتاب اللَّه عفيفًا في الإسلام، إني لأحاسب له نفسي محاسبة لم أحاسبها لعمر.
وقال الشافعي: مات النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو ابن تسع سنين. وكان إذا سجد وقعت العصافير على ظهره، لا تراه إلا جذم حائط، وكان يشبه أبا بكر جده، وقام يومًا يصلِّي فسقطت حية من السقف على ابنه هاشم، فتطوت على بطنه وهو قائم، فصاح أهل البيت ولم يزالوا بها حتى قتلوها، وهو يصلي ما الْتَفَت ولا عجل، وكان يُسمى: حمام المسجد، وكان لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام، ومكث أربعين سنة لم ينزع ثوبه عن ظهره، وكان إذا دخل رمضان، أكل أكلة واحدة في نصف الشهر، ورُئي يومًا يطوف بالبيت سياحة، وكانت لحيته صفراء وجمته إلى العنق، وكان صييتًا يشبه كلام أبي بكر وبلاغته، وفيه يقول النابغة الجعدي: [الطويل]
حكيت لنا الصّدّيق لما وليتنا ... وعثمان والفاروق فارتاح مُعدِم
وسوَّيت بين الناس في الحقّ فاستووا ... فعاد صباحًا حالِكُ الليل مُظلم
أتاك أبو ليلى تجوب به الدُّجى ... دُجى الليل جوَّابُ الفلاة عَثَمثَم
لتجبُر منه جانبًا زعزعت به ... صُرُوف الليالي والزمان المُصمِّم
ولما سمعت عائشة رجلا يرتجز ويقول: [الرجز]
أنشد من كان بعيد الهم ... يدلني اليوم على ابن أم
له أب باذخ أشم ... وأمه كالبدر ليل تم
مقابل الخال كريم العم ... يجيرني من زمن ملم
جرعني أكؤسه بسم
فقالت له: ذاك عبد اللَّه بن الزبير.
وكان يمكث الخميس والسبت لا يذهب لحاجته، وكان بين عينيه مثل مبرك البعير، وكانوا يسمعون كل ليلة زمن قتله قائلا يقول ولا يرون شخصه: [الطويل]
ليبك على الإسلام من كان باكيًا ... فقد أوشكوا هُلكى وما قدُم العهد