ليحنكه قال: "أهو هو؟ ليمنعن البيت، أو ليموتن دونه"؛ ففي ذلك يقول العقيلي:
بر يبيِّن ما قال الرسول له ... من الصلاة لضاحي وجهه علم
حمامة من حمام البيت قاطنة ... لا يتبع الناس إن جاروا وإن ظلموا
وقال عمي: كان عارضاه خفيفيْن، فما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة. انتهى.
زعم المبرد أن عبد اللَّه قال: عالجت لحيتي لتتصل إلى أن بلغت ستين سنة، فلما أكملتها يئست منها، وكذا ذكره الجاحظ. وذكره ابن منده في "الأرداف".
قال الزبير: وقيل: وُلد بعد الهجرة بسنتيْن، وهو أول من صف رجليْه في الصلاة، فاقتدى به كثير من العباد، وكان قد قسم الدهر على ثلاث ليال: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح. وكان يواصل الصيام سبعًا، يصوم يوم الجمعة فلا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة فلا يفطر إلا بمكة، وكان إذا أفطر يفطر على لبن لقحة بسمن بقر وصبر.
وقال القاسم: ما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وهو أول من كسى الكعبة الديباج، وإن كان يطيبها حتى يجد ريحها مَن دخل الحرم، وسمع معاوية ابن أبي سفيان رجلا وهو يقول:
ابن رقاش ماجد سميدع ... يأتي فيعطي عن يد أو يمنع
فقال: ذاك عبد اللَّه بن الزبير. وسُئل سعيد بن المسيب عن خُطباء قريش في الإسلام، فقال: معاوية، وابنه، وعبد اللَّه بن الزبير، وسعيد، وابنه، وكان عبد اللَّه لا ينازع في ثلاثة: شجاعة، وعبادة، وبلاغة. وفيه يقول أبو ذؤيب الهذلي ورأى شجاعته في غزوه إفريقية: [المتقارب]
فصاحب صدق كسيد الضرا ... ء ينهض في الغزو نهضًا نَجيحا
يريع الغزاة وما إن ير ... يع مُضطبرًا طرفاه طليحا
وشيك الفضول بعيد القُفو ... ل إلا مُشاحًا به أو مُشيحا
قد أبقى لك الأين من جسمه ... نواشر سيدٍ ووَجْهًا صبيحا
أربت لإربته فانطلقـ ... ـت أُزجي لحبِّ اللإياب السنيحا
وقال نعيم بن مسعود الشيباني يرثيه وأخاه مصعبًا:
ألا إن هذا الدين من بعد مصعب ... وبعد أخيه قد تنكر أجمع
وأن ليس للدنيا بهاء وريشها ... لقد كان زحفًا وافر الفرع أفرع