مات أمر الرشيد بتنحية ما كان فيه وفرش له في موضع وأرم أن يعزي به، فقال له شيخ من أهل بيته: يا أمير المؤمنين، ما هذا رجل من الرعية وإن كان له فضل، قال أليس هو القائل:
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل ... وكان أضعفنا نهبًا لأقوانا
وأول القصيدة:
إني امرؤ ليس في ديني لغامزه ... لين ولست على الإسلام طعانا
وفي ذنوبي إذا فكرت لي شغل ... وفي معادي لئن لم ألق غفرانا
عن ذكر قوم مضوا كانوا لنا سلفًا ... وللنبي على الإسلام أعوانًا
واللَّه كنت لهم مستغفرًا أبدًا ... كما أمرت به سرًّا وإعلانا
ولا أسب أبا بكر ولا عمرًا ... ولا أسب معاذ اللَّه عثمانا
ولا الزبير حواري النبي ولا ... أهدي لطلحة شتمًا عزا وهانا
ولا أقول لأمير المؤمنين كما ... قال الغواة لها زورًا وبهتانا
ولا أقول علي في السحاب لقد ... أقول فيه إذًا جورًا وعدوانا
لو كان في المزن ألقته وما حملت ... مزن السماء من الأحياء إنسانا
إني أحب عليًّا حب مقتصد ... ولا أرى دونه في الفضل عثمانا
قال الروافض قولا لست قائله ... إني لأحسبهم يحكون شيطانا
ما قال فرعون هذا في تجبره ... فرعون موسى ولا نمرود كنعانا
وقد أتتنا مواعظ بفضله ... نتلو بها من كتاب اللَّه قرآنا
إنا على ملة الإسلام ليس لنا ... اسم سواه كذاك اللَّه سمانا
مع السواد الذي نرجو النجاة بهم ... وبالأئمة ضم اللَّه شتانا
والرافضي لنا حرب سريرته ... والكشر يظهر منه حين يلقانا
تلقاه للصلوات الخمس مجتنبا ... خلف الأئمة للماضين لعانا
واللَّه يدفع بالسلطان معظمه ... عن ديننا نعمة منه ودنيانا
لولا الأئمة ما قامت لنا سبل ... وكان أضعفنا نهبا لأقوانا
ولا أرى حرمة يوما لمبتدع ... وهنا يكون له مني وإن هانا
فصيرونا يهودا إذ نخالفهم ... في لعنة ابن أبي سفيان أحيانا
وقبلة البيت والتوحيد يجمعنا ... فيه وأكرم عند اللَّه أتقانا