محمد بن ربيعة المصيصي، ومحمد بن الحسن البلخي، وعمر بن إبراهيم، وعلي بن جرير.
ولما زار البحتري الشاعر قبره أنشد:
مررت على قبر المبارك زائرا ... فأوسعني وعظا وليس بناطق
وقد كنت بالعلم الذي في جوانحي ... غنيا وبالشيب الذي في مفارقي
ولكن أرى الذكرى تزيدك عبرة ... إذا هي جاءت من رجال الحقائق
ولما ذكره ابن حبان قال: كان -رحمه اللَّه تعالى- فيه خصال لم تجتمع في أحد من أهل العلم في زمانه في الدنيا كلها، كان فقيهًا ورعًا، عالمًا بالاختلاف، حافظًا يعرف السنن، رحالا في جمع العلم، شجاعًا ينازل الأقران، أديبًا يقول الشعر فيجيد، سخيًّا بما ملك في الدنيا، وكان إذا سافر تحمل سفرته على عجلة من كبرها، فإذا نزل طرحها ثم يردها من احتاج إليها.
وقال البخاري في "تاريخه": مات في نصف رمضان.
وقال ابن الجنيد: سمعت يحيى، وذكروا ابن المبارك فقالوا: رجل زاهد إلا أنه لم يكن حافظًا، فقال يحيى: كان عبد اللَّه كيسًا متثبتًا ثقة، وكان عالمًا صحيح الحديث، وكانت كتبه التي حدث بها عشرين ألفًا أو أحدًا وعشرين ألفًا.
وقال العجلي: ثقة ثبت رجل صالح، وكان يقول الشعر، وكان جامعًا للعلم.
وفي كتاب المنتجيلي: عن المسيب بن واضح: مات ابن المبارك سنة اثنتين أو آخر سنة إحدى وثمانين، ومات في السفينة في الفرات، وأخرج منها فدفن بهيت. وعن عبد اللَّه بن جعفر البرقي قال: سمعت جماعة من أهل العلم يذكرون أنه اجتمع في عبد اللَّه، العلم، والحديث، والفتيا، والمعرفة بالرجال، والمعرفة بالإعراب، والأدب، والشعر، والسخاء، والعبادة، والورع، وكان يحج عامًا ويغزو عامًا، فإذا أقبل حاجًّا لا يمر بمدينة من المدائن إلا قال لمشيختها من أهل العلم والفضل والإقلال: ليخرج معي من أراد الحج فمن خرج معه كفاه المؤنة، وإذا أراد الغزو فعل مثل ذلك.
وعن يحيى بن يحيى قال: كنا في مجلس مالك، فاستؤذن لابن المبارك فأذن، فرأينا مالكًا تزحزح له في مجلسه، ثم أقعده بلصقه، ولم أره تزحزح لأحد في مجلسه غيره، فكان القارئ يقرأ على مالك فربما مر بشيء، فيسأله مالك: ما عندكم في هذا؟ فكان عبد اللَّه يجاوب مالكًا على الخفى، ثم قام فخرج فأعجب مالك بأدبه، ثم قال لنا: هذا ابن المبارك فقيه خراسان.