وقال ابن قتيبة: رأى أبوه الحسن وجالسه، وكان عبد الملك شديد التوقي لتفسير القرآن وحديث النبي صلى اللَّه عليه وسلم، لا يعلم أنه كان يرفع الأحاديث، وكان صدوقًا في غير ذلك من حديثه، صاحب سنة، وولد سنة ثلاث وعشرين ومائة، وتوفي وله ثمان وتسعون سنة، وله عقب.
وفي كتاب "أخبار النحويين" للسيرافي: قال محمد بن يزيد: كان الأصمعي أسد الشعر والغريب والمعاني، وكان أبو عبيدة كذلك، ويفضل على الأصمعي بعلم النسب، وكان الأصمعي أعلم منه بالنحو، واسم أبيه عاصم، ويكنى: أبا بكر، وقيل: أن الرشيد كان يسميه شيطان الشعر، وكان صدوقًا في الحديث، وعنده القراءات عن أبي عمرو ونافع وغيرهما.
وفي كتاب المنتجيلي: عن الأصمعي قال: سمعت من الثوري ثلاثين ألف حديث، وجده أصمع أصيب بالأهواز، وكان قد أدرك النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وكان أبوه مظهر مسلمًا، دفن بكاظمة قرب البحرين.
وقال أبو حاتم: بلغ تسعين سنة.
وحكى عنه الرياشي قال: لم تتصل لحيتي حتى بلغت ستين سنة.
وفي كتاب "أدب الرواية" لحفيد القاضي أبي بكر محمد بن عبد اللَّه بن جعفر بن الفهم: كان الأصمعي متهمًا بالكذب في المسامرة، فوقع بينه وبين عطاء بن مصعب المعروف بـ (الملط) كلام، فدار على جماعة وجاء بهم إلى شيخ ملتف بكسائه، فقال له: ما اسمك؟ قال: قريب أبو عبد الملك. قال: أتقرأ القرآن؟ قال: لا، إلا ما أصلي به، قال: أتروي شيئًا من الشعر؟ قال: ما أشغلني عنه. قال: أتعرف حديثًا أو فقهًا؟ قال: لا. فقال للجماعة: اشهدوا على صدق الشيخ، لئلا يقول الأصمعي غدًا: حدثني أبي، وأنشدني أبي.
وقال الدوري: قلت ليحيى: أريد الخروج إلى البصرة فعمن أكتب؟ فقال: عن الأصمعي، فهو ثقة صدوق.
ولما ذكره المرزباني في "معجمه" قال: وصله البرامكة بالرشيد، وخص بهم، وأعطوه مالا جزيلا، فلما نكبوا هجاهم لسوء عهده، وغدره، وقلة وفائه، ومات في سنة أربع عشرة ومائتين، وأكثر شعره ضعيف سخيف مضطرب.