فقلت: كيف تجدك يا أمير المؤمنين؟ فقال: أصبحت كما قال عمرو بن قميئة:
كأني وقد جاوزت سبعين حجة ... خلفت بها عني عذار لجامي
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى ... فما بال من يرمي وليس برام
فلو أنها نبل إذا لاتقيتها ... ولكنما أرمى بغير سهام
قلت: لست كذلك يا أمير المؤمنين، ولكنك كما قال لبيد:
باتت تشكي إلي النفس مجهشةً ... وقد حملتك سبعًا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثًا تبلغي أملا ... وفي الثلاث وفاء للثمانينا
فعاش حتى بلغ تسعين، فقال:
كأني وقد جاوزت تسعين حجة ... خلعت بها عن منكبي ردائيا
فعاش حتى بلغ مائة وعشرًا فقال:
أليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تبلغ عشر دونها عمر
فعاش حتى بلغ مائة وأربعين، فقال:
ولقد سَئِمتُ من الحياة وطُولِها ... وسُؤالِ هذا النَّاسِ كَيْفَ لَبِيدُ
وقال المرزباني: يلقب: أبا الذبان؛ لبخر كان فيه، وهو القائل من أبيات كتب فيها إلى الحجاج:
فإن بز مني غفلة فرشية ... فرئيتما قد غص شاربه
وإن بز مني وثبة أسوة ... فهذا وهذا حلة أنا راكبه
فلا يأمني والحوادث جمة ... فإنك تجزي ما أنت كاسبه
وإن أغض جفن العين يوما ... على القذى وأورد بالأمر الذي أنا طالبه
فذلكم للأمر العظيم كأنني أخو ... غفلة عنه وقد شال غاربه
فإن كف لم أعجل عليه وإن أنا ... وثبت عليه وثبة لا أراقبه
وذكره في كتاب "الشعراء المنحرفين" عن علي رضي اللَّه عنه.
وذكره الهيثم في الطبقة الأولى من أهل المدينة، وقال: أنبأنا. . . . . الأعمش، عن أبي صالح قال: كان فقهاء أهل المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك بن مروان.
وقال الهيثم: وكان من هذه الطبقة: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؛ وهو دونهم في الفقه، ورواه الجاحظ في كتاب "فضل الكتاب" عن وكيع عن الأعمش عنه.
وقال الطبري في كتاب "الطبقات": كان من مقدمي التابعين في العلم والفضل.