أن تمش عيناي في صر أصابها ... ريب الزمان وأمر كان قد قدرا
فما بذلك من عار على أحد ... إذا اتَّقى اللَّه واستوصى بما أمرا
كم من بصير يراه الناس ذا بصر ... أعمى عن الدين خاف قد نبرا
وقد أعرتهما حتى دنا أجلي ... واستبدل العيش بعد الصفوة الكدرا
لم يبق لي الدهر إخوانًا أعرفهم ... إلا قليلا وقد أبقى لي القدرا
من لا يكف عن المولى عقاربه ... ولا يعين على المعروف إن حضرا
وفي قول المزي: ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة، وقال: كان ثقة كثير الحديث فقيهًا، عالمًا ثبتًا مأمونًا. نظر؛ لأن ابن سعد لم يقل هذا، إنما نقله ابن سعد عن شيخه الواقدي بيانه: أنه لما ذكر أولاده عبد اللَّه وعمر والأسود ومحمدًا ويحيى وعثمان وهشامًا وعبيد اللَّه ومصعبًا، قال: قال محمد بن عمر: وقد روى عروة عن أبيه، وذكر جماعة آخرهم جمهان مولى الأسلميين، وكان ثقة كثير الحديث إلى آخره.
وفي قوله أيضًا: قال الهيثم، ومحمد بن سعد: مات سنة أربع وتسعين، زاد محمد بن سعد: بأمواله بالفرع، وكذلك قال الواقدي: عن عبد الحكم بن عبد اللَّه بن أبي فروة، نظر، وذلك أن ابن سعد لم يقل هذا، إنما قال: أنبا محمد بن عمر، ثنا عبد الحكم بن عبد اللَّه بن أبي فروة قال: مات عروة في أمواله بمجاج في ناحية الفرع، ودفن هناك يوم الجمعة سنة أربع وتسعين.
وأما ما ذكره عن الهيثم فغير جيد؛ لأن الذي في التاريخ الذي على السنين وكذا في "التاريخ الصغير": في سنة خمس وتسعين مات عروة بن الزبير فينظر.
وقال ابن حبان البستي: كان من أفاضل أهل المدينة، وعقلائهم، يقرأ كل يوم ربع القرآن في المصحف نظرًا، ويقوم به ليله، ما ترك حزبه ولا ليلة قطعت رجله، ولما نشرت رجله ما زاد على أن قال: الحمد للَّه.
وفي "كتاب المنتجيلي": لما مات ابنه محمد قال: كانت منيته بركضة بغلة قدرًا. فسيق لمكتب الكتاب. وكان عروة يخضب بالحناء، وطلب معاوية عبد اللَّه بن الزبير يومًا فلم يجده، فأرسل إلى عروة وهو يومئذ غلام حديث السن، وقد قيل له: إن له علمًا، وإن عنده رواية فأتاه فاستنشده وسأله، وقال: أتروي لجدتك صفية شيئًا؟ قال: نعم، فأنشده بعض شعرها. فقال: أتروي قولها:
خالجت آباد الدهور عليكم ... وأسماء لم تشعر بذلك أيم