قال عبد الحكيم بن عبد اللَّه بن أبي فروة والواقدي: توفي سنة أربع وتسعين. كذا ذكره المزي والواقدي إنما قاله إخبارًا عن عبد الحكيم لا استقلالا.
قال الواقدي: أخبرني عبد الحكيم بن أبي فروة أنه توفي بالمدينة، فدفن بالبقيع سنة أربع وتسعين، وكان يقال لهذه السنة: سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها.
وكذا ذكره عنه أبو القاسم ابن عساكر الذي نقل المزي ترجمته كلها من عنده.
وفي قوله: وقال مصعب وابن أخيه الزبير فذكر وفاته. نظر، من حيث إن الزبير لم يقله إلا نقلا عن عمه مصعب وغيره.
وفي قوله: وقال مصعب: كان يقال لهذه السنة: سنة الفقهاء. نظر؛ لأنا قد أسلفنا أنها كلمة نقلت عن عبد الحكيم بن أبي فروة.
وفي قوله قال: قال ابن سعد: كان علي بن حسين ثقة، مأمونًا كثير الحديث عالمًا رفيعًا ورعًا. نظر؛ لأن ابن سعد لم يقله إلا نقلا. قال: قالوا: وكان علي بن حسين ثقة إلى آخره.
وفي قوله: قال يحيى بن بكير: مات سنة أربع أو خمس وتسعين. نظر، وذلك أن يحيى إنما نقل كلامه لنا يعقوب بن سفيان في "تاريخه" فقال: قال يحيى بن بكير: مات سنة خمس وتسعين. لم يذكر ترددًا، وكذا ذكره أيضًا ابن عساكر.
وأنشد المزي قول الفرزدق فيه من أبيات طويلة منها:
بكفه خيزران ريحها عبق من ... بكف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضي من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسم
وفيه نظر في مواضع: الأول: قال أبو الفرج الأصبهاني: الناس يرون هذين البيتين للفرزدق في أبياته التي مدح بها علي بن الحسين التي أولها:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
وهو غلط ممن رواه، وليس هذان البيتان مما يمدح بهما مثل علي بن الحسين؛ لأنهما من نعوت الجبابرة والملوك، وليس علي كذلك، ولا هذا من صفته، وله من الفضل المتعالم ما ليس لأحد. فمن الناس من يروي هذين البيتين لداود بن سلم في قثم بن العباس، ومنهم من يرويهما لخالد بن يزيد مولى قثم فيه. فمن رواهما لداود أو لخالد فهي في روايته:
كم من صارخ بك من راج وراجية ... يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم