وعن يوسف بن سليمان عن جدته قالت: كان تحت عمرو بن الحمق آمنة بنت الشريد فحبست في سجن دمشق زمانًا؛ حَتَّى وجه إليها برأسه فألقي في حجرها فارتاعت لذلك، ثم وضعت كفها على جبينه ثم كتمت فاه، وقالت: غيبتموه عني طويلا، ثم أهديتموه إليَّ قتيلا فأهلا بها من هدية غير قالية ولا مقلية. والذي قتله -فيما يُقال-: عبد الرحمن ابن أم الحكم وكان واليًا على الجزيرة سنة سبع وخمسين، ويُقال: سنة ستين، وروى عنه جبير بن نفير فقال: عن عمرو الخثعمي. قال أبو أنس الحمصي راوي حديثه: يقولون: إنه عمرو بن الحمق.
وقال ابن حِبَّان: لما قتل عليٌّ، هرب إلى الموصل ودخل غارًا؛ فنهشته حية فقتلته، فأخذ عامل الموصل رأسه، وحمله إلى زياد فبعث زياد رأسه إلى معاوية. وفي "كتاب ابن سعد": كان فيمن أعان على عثمان، وقتله عبد الرحمن ابن أم الحكم بالجزيرة.
وقال أبو عمر ابن عبد البر: الحمق هو سعد بن كعب، هاجر إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بعد الحديبية، وقيل: بل أسلم عام حِجَّة الوداع، والأول أصح.
وسكن الشام ومصر، وكان مِمَّن سار إلى عثمان. وهو أحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار فيما ذكروا، وهرب في زمن زياد إلى الموصل، ودخل غارًا فنهشته حَيَّة فقتلته سنة خمسين.
وقال العسكري: قتل بالموصل سنة إحدى وخمسين، حدَّثنا محمد بن إبراهيم، ثنا عثمان بن خرزان، ثنا محمد بن الجنيد الضبي، ثنا عبد اللَّه بن عبد الملك المسعودي، عن الحارث بن حصيرة، عن صخر بن عبد اللَّه بن الحكم الفزاري، عن عمرو بن الحمق قال: حدَّثني رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: إن رأسي أول رأس يحز في الإسلام وينقل من بلد إلى بلد. وفي كتاب "الصحابة" للبغوي وأبي نعيم الحافظ: لدغ فمات. وفي "تاريخ البخاري": مات قبل معاوية. وقال البرقي: كان بالكوفة زمن زياد، وقتل بالموصل سنة إحدى وخمسين.
وذكر أبو بكر محمد، وأبو عثمان سعيد ابنا أبي بكر الخالديان في كتابهما "أخبار الموصل": وبالموصل المشهد الجليل المبني على قبر عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بَنَاه الأمير أبو عبد اللَّه الحسين بن سعيد بن حمدان سنة سبع وثلاثين.
وكان عمرو بن الحمق من كِبار أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم شهد معه أكبر