وذكر الجاحظ في كتابه "الزَّرْع وَالنَّخْل": كان عمرو بن العاص مِمَّن يقر بالبعث في الجاهلية مِمَّن لا يتنصر ولا يتهود ويصححه ولا يعرفه وكذلك قيس بن ساعدة، ويزيد بن الصعق، والأعشى، والنابغة الذبياني، وزهير بن أبي سلمى ومجريبة الأسدي وغيرهم.
وفي "كتاب أبي أحمد العسكري": قال أبو اليقظان: أمه النابغة. وقال غيره: أمه سلمى بنت النابغة من بني جلان وذكر عمرو أنه أسلم سرًّا على يد جعفر بن أبي طالب بأرض الحبشة. وقال غيره: أسلم سنة أربع وحضر بدرًا مع المشركين، و"استعمله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم على عمان، فقبض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وهو عليها"، وكان على الناس يوم أجنادين، وتُوفي سنة ثلاث وأربعين، وأكثرهم يقول: سنة ثمان وخمسين.
وذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة طبقة الخندقيين، وذكر "أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لما فتح مكة بعثه إلى صنم هذيل بسواع فهدمه، وبعثه سنة تسع إلى بني فزارة يصدقهم وجاء خصمان يختصمان إلى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال: "يَا عَمْرُو؛ اقْضِ بَيْنَهُمَا (١) " وبعثه إلى مَلكي عُمان: عبد وجَيفر ابني الجلندي بكتاب يدعوهما إلى الإسلام فأسلما، ولما أجمع أبو بكر رضي اللَّه عنه أن يبعث الجيوش إلى الشام كان أول مَنْ سار من عماله عمرو بن العاص فأمره أن يسلك على أيلة عامدًا لفلسطين ومعه ثلاثة آلاف، وخرج أبو بكر يمشي إلى جنب راحلة عمرو وهو يُوصيه وقال: إني قد استعملتك على مَنْ مررت به من بلي وعذرة وسائر قضاعة، ومن سقط هناك من العرب فاندبهم إلى الجهاد ورغبهم فيه.
وكانوا أمراء أبي بكر هو ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة، فكان عمرو هو الذي يُصَلِّي بالناس إذا اجتمعوا، وإنْ تفرَّقوا فكل رجل على أصحابه، وكان أمر الناس إلى عمرو يوم أجنادين ويوم فحل، وفي حصار دمشق حتى فتحت.
(١) أخرجه أحمد ٤/ ٢٠٥، رقم ١٧٨٥٨، والطبراني كما في مجمع الزوائد ٤/ ١٩٥ قال الهيثمي: رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وفيه من لم أعرفه. وأخرجه أيضًا: عبد بن حميد ص ١٢٠، رقم ٢٩٢، والدارقطني ٤/ ٢٠٣. والحديث موضوع كما في السلسلة الضعيفة للألباني ٦/ ٣٩٥، رقم ٢٨٦٦.