قال: هذا ما لا يكون أبدًا، قال: أنا أبعث إلى أهلك، قال: إنهم لا يعرفون مكانه، قال: فاحلف لي أنك لم تجبه، قال: الحلف في التقية كالكذب في التقية، قال: صدقت، فقال له: أنت على ما كنت عليه يا أبا عثمان؟ قال: نعم، قال: إذا كان ذلك فأنا من أعوانك.
وقيل لأبي جعفر: إن عمرًا خارج عليك، فقال: هو يرى أن يخرج علي إذا وجد ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا مثل نفسه، وذلك لا يكون أبدًا.
وقال إسحاق بن الفضل: إني على باب المنصور وإلى جانبي عمارة بن حمزة إذ طلع عمرو على حمار، فنزل عن حماره، ثُمَّ نحى البساط برجله ثُمَّ جلس. فقال عمارة: لا تزال بصرتكم ترمينا بأحمق. فبينا نحن كذلك إذ خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد، قال: فواللَّه ما دل على نفسه؛ حَتَّى أرشد إليه فأتكأه يده، ثُمَّ قال: أجب. فدخل فالتفت إلى عمارة، وقلت: إن الذي استحمقته قد دعى وتركنا، قال: فلبث طويلا، ثُمَّ خرج مُتكئًا على الربيع وهو يقول: يا غلام؛ حمار أبي عثمان، فما برح حَتَّى أقره على سرجه، وجمع إليه ثيابه وودعه، فالتفت إليه عمارة وقال: لقد فعلتم بهذا الرجل ما لو فعلتموه بولي عهدكم كنتم قد قضيتم ذمامه. قال الربيع: الذي غاب عنك أكثر، ما هو إِلا أن الخليفة سمع بمجيئه فَمَا أمهل؛ حتى أمر ببيت له فعرش باللبود، ثم انتقل إليه هو والمهدي، وعلى المهدي سواده وسيفه، فلمَّا دخل وسلم أدناه؛ حَتَّى تحاكت ركبتاهما فسأله عن حاله، ثم قال: عظني، فقال: أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم اللَّه الرحمن الرحيم {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: ١ - ٢] إلى قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}[الفجر: ١٤] قال: فبكى الخليفة بكاءً شديدًا ثمَّ قال: زدني.
فقال: إن ربك يا أبا جعفر لبالمرصاد، إن اللَّه تعالى أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك منه ببعضها، واعلم أن هذا الأمر الذي صار إليك كان لمن قبلك، ثم أفضى إليك، وكذلك يخرج منك إلى مَنْ هو بعدك، فقال: بلغني أن عبد اللَّه بن حسن كتب إليك.
فقال: جاءني ما يشبه أن يكون كتابه، فقال له: أجبته؟ قال: أَولست قد عرفت رأيي في السيف أيام كنت تختلف إلينا؟ فقال: هذه عشرة آلاف درهم تستعين بها، قال: لا حاجة لِي فيها، فقال: واللَّه لتأخذنها، قال: واللَّه لا آخذها، فقال: يا أبا عثمان؛ هل لك