فيحدثه بالشيء وهو أعلم به منه، فيستمع له وينصت.
وقال الهيثم: لم يسمع مسعر حديثًا قط إلا في المسجد الجامع، وكانت له أم عابدة، وكان يحمل معها لبدا، فيمشي معها حتى يدخلا المسجد، فيبسط لها اللبد، فتقوم وتصلي، ويتقدم هو إلى مقدم المسجد فيصلي، ثم يقعد فيجتمع إليه من يريد فيحدثهم، ثم ينصرف إلى أمه فيحمل لبدها وينصرف معها، ولم يكن له مأوى إلا منزله والمسجد، وكان مرجئًا، فلما مات لم يشهده الثوري، والحسن بن صالح بن حي.
ولما ذكره ابن حبان في "كتاب الثقات" قال: كان مرجئًا، ثبتا في الحديث.
سمعت ابن قحطبة، سمعت نصر بن علي، سمعت عبد اللَّه بن داود يقول: كان مسعر يسمى المصحف لقلة خطئه وحفظه.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن مسعر إذا خالفه الثوري، قال: الحكم لمسعر؛ فإنه المصحف.
وأنشد له المرزباني في "معجمه": [الكامل]
عش يا ابن آدم ما استطعت ... فلست من حتف بآيل
كم من أمير قد رأيت ... وسوقه رحب المنازل
أضحت منازله خلاء ... بعد سمار وآهل
قال: وله يوصي ابنه، وقد رويت لجده ظهير يوصي ابنه كدام بن ظهير: [الكامل]
إِنِّي مَنَحْتُكَ يَا كِدَامُ نَصِيحَتِي ... فَاسْمَعْ مَقَالَ أَبٍ عَلَيْكَ شَفِيقِ
أمَا الْمِزَاحَة وَالْمِرَاءُ فَدَعْهُمَا ... خُلُقَانِ لا أَرْضَاهُمَا لِصَدِيقِ
إِنِّي بَلَوْتهُمَا فَلَمْ أَحْمِدْهُمَا ... لِمُجَاوِرٍ جَارًا وَلا لِرَفِيقِ
زاد المنتجالي في "تاريخه":
وَالْجَهْلُ يُزْرِي بِالْفَتَى فِي قَوْمِهِ ... وَعُرُوقُهُ فِي النَّاسِ أيَّ عُرُوقِ
قال المنتجالي: كان ثقة ثبتا في الحديث، وكان كثير الشك، وكان يتوهم عليه شيء من الإرجاء، ولم يكن يتكلم فيه ولا يظهره، ولم يحضر سفيان جنازته، فما أدري عمدًا تركها أو شغله عنها شاغل، وقد روى عنه سفيان بن سعيد، وقال هشام بن عروة: ليس أحد أعجب إليَّ من ذاك المصدق الرأس؛ يعني: مسعر.
وعن محمد بن كناسة قال: أثنى رجل على مسعر، فقال له: تثني علي وأنا أُفْتِي بالأجر، وأقبل جوائز السلطان.