وقال شاذان وكيل آل الطاهر: رأيتُ في الليلة التي مات فيها إسحاق، إسحاق وعليه إزار ورداء وهو مُسْتقبل قبره ومعه رجال كثير، فسُئِل عن حاله فقال: أريد الحج.
وقال محمد بن عبد الوهاب: كنتُ مع يحيى بن يحيى وإسحاق نَعُود مريضًا، فلما حاذينا الباب تأخر إسحاق وقال ليحيى: تقدَّم، فقال يحيى لإسحاق: بل أنت تقدَّم، فقال: يا أبا زكريا؛ أنت أكبر مني، قال: نعم، أنا أكبر منك؛ ولكنك أَعْلَم مِنِّي، قال: فتقدم إسحاق.
وقال أبو بكر محمد بن النضر الجارودي: ثنا شيخنا وكبيرنا ومن تعلَّمْنَا منه وتجملنا به أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم رضي اللَّه عنه. وقال وهب بن جرير: جَزَى اللَّه إسحاق وصدقة ومعمرًا خيرًا، أَحْيوا السُّنَّة بأرض المشرق. وقال الفضل بن محمد الشعراني: ثنا إسحاق بن إبراهيم الإمام بخراسان بلا مدافعة.
وقال محمد بن مالك لإسحاق: هؤلاء الشباب لا يعرفون محلك، لو كان في رِجْلي قوة لم أفارقك الليل والنهار، ومع هذا فقد كتبت عنك ثمانين جزءًا.
وقال علي بن سلمة اللَبقي: كان إسحاقُ عند الأمير عبد اللَّه بن طاهر وعنده إبراهيم بن صالح، فسأل الأمير إسحاق عن مسألة، فقال: السُّنَّة فيها كذا وكذا، وكذلك يقول من سلك طريق أهل السُّنَّة، وأَمَّا أبو حنيفة وأصحابه، فإنهم قالوا بخلاف هذا. فقال إبراهيم: النقل عن أبي حنيفة بخلاف هذا. فقال إسحاق: حفظته من كتاب جدك وأنا وهو في كتاب واحد.
فقال إبراهيم: أصلحك اللَّه كذب على جدي. فقال إسحاق: أتبعث الأمير إلى جزء كذا وكذا من جامعه؟ فأتى بالكتاب فجعل الأمير يُقَلِّب الكتاب، فقال إسحاق: عد من الكتاب إحدى عشرة ورقة ثم عد تسعة أسطر، ففعل فإذا المسألة على ما قال إسحاق، فقال الأمير: لم أعجب من حفظك المسألة؛ إِنَّمَا أتعجب من حفظ هذه الأشياء. فقال إسحاق: حفظته ليوم مثل هذا؛ لكي يُخْزِي اللَّه على يدي عدوًّا مثل هذا.
وقيل لأبي حاتم الرازي: لِمَ أقبلت على الفُتْيَا بقول أحمد وإسحاق وعندك كتب الشافعي، ومالك، والثوري، وشريك؟
فقال: لا أعلم في دهر من الدهور ولا في عصر من الأعصار مثل هذين الرجلين رحلا وكَتَبا وصَنَّفَا.