للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَقِيتُهُ فَقَرَّبَ مَجْلِسِي وَأَدْنَانِي وَبَسَطَ لِي رِدَاءَهُ وَأَجْلَسَنِي مَعَهُ، وَقَبِلَ إِسْلامِي ثُمَّ هَبَطَ إِلَى مِنْبَرِهِ فَصَعَدَ وَأَصْعَدَنِي مَعَهُ، فَقُمْتُ دُونَهُ، فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّينَ صلى اللَّه عليه وعليهم أجمعين، وَقَالَ: هَذَا وَائِل بْنُ حُجْرٍ أَتَاكُمْ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ مِنْ حَضْرَمَوْتَ طَائِعًا غَيْرَ مُكَرَهٍ، رَاغِبًا فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي دِينِهِ، بَقَيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، اللهُمَّ بَارِكْ فِي وَائِلِ، وَفِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِه، ثُمَّ أَنْزَلَني مَعَهُ، فَبَعَثَ مَعِي مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: وَأَمَرَهُ أنْ يُعْطِيَنِي أَرْضًا فَيَدْفَعَهَا إِلَي، وَكَتَبَ لِي كِتَابًا خَاصًّا يُفَضّلُنِي فِيهِ عَلَى قَوْمِي، وَكِتَابًا لِي وَلأهلِ بَيْتِي بَمالَنَا، وَكِتَابًا لِي وَلقَوْمِي".

وفي "معجم الطبراني": أن معاوية لما أمر بُسر بن أبي أرطأة بقتل من أبى بيعته، قال له فيما قال: فإن وجدت وائل بن حجر حيًّا فأتني به، فلما قدم بُسر أمر معاوية أن يتلقى، وأجلسه على سريره، وقال: أَسَرِيرَنا هَذَا أَفْضَلُ أَمْ ظَهْرُ نَاقَتِكَ؟

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ كنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَكُفْرٍ، وَكَانَتْ تِلْكَ سِيرَتَهُم، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِنَا وَقَدِ اتَّخَذَكَ عُثْمَانُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ ثِقَةً وَصِهْرًا؟ !

قَالَ: بَلَغْتُ أَنَّكَ قَاتَلْتَ رَجُلا هُوَ أَحَقُّ بِعُثْمَانَ مِنْكَ، قَالَ: كَيْفَ وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى عُثْمَانَ فِي النَّسَبِ؟

قال: قُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَالأخُ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ، وَلَسْتُ أُقَاتِلُ الْمُهَاجِرِينَ، قَالَ: أَوَلَسْنَا مُهَاجِرِينَ؟

قُلْتُ: أوَلَيْسَ قَدِ اعْتَزَلْنَاكمَا جَمِيعًا؟ وَأَيْضَا حَضَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُو يَذْكُرُ الْفِتَنَ، فَقُلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَمَا الْفِتَنُ، فَقَال: "يَا وَائِلُ؛ إِذَا اخْتَلَفَ سَيْفَانِ فِي الإسْلامِ فَاعْتَزِلْهُمَا فَقَالَ له معاوية: أَصْبَحْتَ شِيعِيًّا، فَقُلْتُ: لا، وَلَكِنِّي أَصْبَحْت نَاصِحًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ سَمِعْتُ ذَا وَعَلِمْتُهُ مَا أَقْدَمْتُكَ، فاخْتَرْ أَيَّ الْبِلادِ شِئْتَ؛ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِرَاجِعٍ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، فَقُلْتُ: عَشِيرَتِي بِالشَّامِ وَأَهْلُ بَيْتِي بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: قَدْ وَلُّيْتُكَ الْكُوفَةَ، فَقُلْتُ: مَا إِلَيَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأحَدٍ أَمَا رَأَيْتَ أَبَا بَكْرٍ أَرَادَنِي فَأَبَيْتُ، وَأَرَادَنِي عُمَرُ وعُثْمَانُ فَأَبَيْتُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ، فَقَالَ: سِرْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ وَسِرْ بوائلِ فَأَكْرِمْهُ وأَقْضِ حَوَائِجَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَسَأْتَ فِيَّ الظَّنِّ تَأْمُرُنِي بِإِكْرَامِ رَجُلٍ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأَنْتَ فَسُرَّ فعَاوِيةُ بِذَلِكَ مِنْهُ. رواه من حديث عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، عنه.

وفي كتاب "البشر بخير البشر" لابن ظفر: أن وائل بن حجر كان له صنم من

<<  <  ج: ص:  >  >>