للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصعد منها أصحاب الروايا يريحون نواضحهم، فيعلمهم من القرآن ما يؤدون به الفرض إلى حدود العصر، ثم يرجع إلى مسجده فيصلي، ثم يجلس فيدرس القرآن، ويذكر اللَّه عز وجل إلى آخر النهار، ثم يدخل منزله فيقدم له إفطاره، وكان يفطر على نحو عشرة أرطال طعام، ثم يقدم له قرابة نحو من عشرة أرطال نبيذ فيشرب منها ما طاب له على طعامه، ثم يجعلها بين يديه ويقوم فيصلي ورده من الليل، وكلما صلى ركعتين أو أكثر من شفع أو وتر شرب منها حتى ينفذها ثم ينام.

وقال نعيم بن حماد: تعشينا -أو قال: تغدينا- عند وكيع، فقال: أيش تريدون أجيئكم: نبيذ الشيوخ، أو نبيذ الفتيان؟

قال: فقلت له: أنت تتكلم بهذا؟ !

فقال: هو عندي أحل من ماء الفرات.

فقلت له: ماء الفرات لم يختلف فيه، وقد اختلف في هذا.

وقال يحيى: أخذ وكيع يقرأ كتاب "الزهد"، فلمّا بلغ حديثًا منه ترك الكتاب، ثمَّ قام فلم يحدث، فلمَّا كان الغد فعل كذلك ثلاثة أيام، قيل ليحيى: أي حديث هو؟

قال: قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ (١) ".

قال يحيى: رأيت ستة أو سبعة يحدثون ديانة، منهم وكيع، ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه.

ولما ذكره ابن راهويه وحفظه، قال: كان حفظه طبيعيًا، وحفظنا تكلف.

وقال ابن المديني: جاء رجل إلى ابن مهدي فجعل يعرض بوكيع، وكان بين عبد الرحمن وبين وكيع ما يكون من الناس، فقال ابن مهدي للرجل: قم عنا، بلغ من الأمر أنك تعرض بشيخنا، وكيع شيخنا وكبيرنا ومن حملنا عنه العلم.

وذكر المزي عن أبي موسى وحده وفاته سنة ثمان، وقد قاله أيضًا أبو إسحاق الحربي، قال: أخذه البطن، فما زال به البطن إلى فيد فكان ينزل في كل منزل مرارًا، مات بفيد، ودفن في الجبل آخر القبور، سنة ثمان وتسعين ومائة في آخرها، وثم قبر عبد الرحمن بن إسحاق القاضي.


(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد ١/ ٥، رقم ١٣، وأحمد ٢/ ٢٤، رقم ٤٧٦٤، والترمذي ٤/ ٥٦٧، رقم ٢٣٣٣, وابن ماجه ٢/ ١٣٧٨، رقم ٤١١٤. وأخرجه أيضًا: الطبراني ١٢/ ٤١٧، رقم ١٣٥٣٧، والقضاعي ١/ ٣٧٣، رقم ٦٤٤، والبيهقي في شعب الإيمان ٧/ ٣٤٩، رقم ١٠٥٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>