على شاطئ النهر، وعلى رأسه رجل يمنعه عن الماء كلما ذهب ليشرب، فقلت للرجل: ما لك ولهذا الكلب؟
فقال: هذا أحمد بن عبد اللَّه الخجستاني قاتل حيكان، وكلني اللَّه تعالى به؛ لأمنعنه من الماء.
قال: وسمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ يقول: لما قتل حيكان ترك أبو عمرو المستملي لباس القطن، فكان يلبس في الشتاء فروًا بلا قميص، وفي الصيف مسحًا، فبينا هو في المسجد إذ سمع الناس يقولون: أقبل الخجستاني، فخرج المستملي، فلما رآه تقدم إليه وعليه ذلك الفرو، فأخذ عنانه، وقال: يا ظالم؛ قتلت الإمام ابن الإمام، العالم ابن العالم؟ ! فارتعد أحمد بن عبد اللَّه، ونفرت دابته، فتقدم الرجالة لضربه، فصاح أحمد: دعوه دعوه، فرجع المستملي ودخل المسجد.
قال أبو جعفر: فبلغني عن أبي حاتم نوح أنه قال: قال لي أحمد بن عبد اللَّه: واللَّه ما فزعت قط من أحد فزعي من صاحب الفرو، ولقد ندمت لما نظرت إليه من إقدامي على قتل حيكان.
سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن يعقوب الحافظ يقول: ذهب نور الحديث وبهاء العلم وأهله بعد يحيى بن محمد بنيسابور.
قرأت في "كتاب أبي علي صالح بن محمد بن حبيب الحافظ" إلى أبي حاتم محمد بن إدريس الحافظ: كتبت -أسعدك اللَّه تعالى- تسألني عن أحوال أهل العلم ونقلة الأخبار بنيسابور، وما بقي لهم من الإسناد، ومن يعرف هذا الشأن ويعتني به ويتميزه ويحفظه.
فاعلم -أبقاك اللَّه تعالى- أن أخبار الدين، وعلم الحديث، دون سائر العلوم اليوم مجفو مطروح وحملته وأهل العناية به في شغل بالفتن التي دهمتهم وتواترت عليهم عند مقتل أبي زكريا يحيى بن محمد بن يحيى، ولم يخلفه أحدٌ على مثل منهاجه.
وعن أبي جعفر محمد بن صالح، قال: لما قتل يحيى فضت مجالس الحديث، وجفت المحابر حتى لم يقدر أحد في البلد أن يمشي ومعه محبرة، ولا في كمه كراريس الحديث إلى سنة سبعين ومائتين.
سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد يقول: سمعت أحمد بن محمد بن الحسن يقول: سمعت محمد بن يحيى يذكر ابنه حيكان، فقال: أبو زكريا والد.
وفي رواية أبي أحمد الحافظ: قال محمد بن يحيى لداود بن علي على روى الملأ: