للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كذَّابو زماننا أربعة مثلا منهم فلان، أو يضرب المثل بكذبه، أو كذاب على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أو ما رأيت أكذب من ذي شفتيْن منه، فلان معدن الكذب، أو من معادن الكذب، أو منبع الكذب، أو كذَّاب مكذَبٌ، أو كذاب والع بالوضع، أو كذاب له طامَّات، هذه سلسلة الكذب، أو فلان يركب الأسانيد، أو يقلب الأسانيد عمدًا، أو ملحد كذاب، فلان كذاب عدو للَّه، رجل سوء خبيث. وكل عبارة تدلُّ على الكذب أو الوضع، أو الاختلاق، ونحو ذلك، وهي كثيرة جدًّا، وهذه المرتبة واضحة منضبطة تمامًا، واللَّه أعلم.

ومن روى شيئًا منها من غير بيان، فهو داخل تحت قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "مَنْ حَدَّثَ عَنِّى بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبِينَ".

أيُّ المراتب يُحتَجُّ بهِا؟

أما المرتبة الأولى من مراتب التعديل: فأحاديث أهلها من أعلى درجات الصحيح، والألفاظ الملحقة بها كذلك، وأما الألفاظ المحتملة، والألفاظ التي تدلُّ على الحفظ والفهم، أو الاجتهاد في الطلب، وكثرة الروايات، أو الفقه وتمام العقل، أو العبادة، أو غير ذلك، فتحتاج إلى بيان، ومعرفة المقصود بها، ليصار إلى الحُكم عليها.

وأما المرتبة الثانية: فاحاديث أهلها على الصحَّة أيضًا، لكن إذا خالفوا أهل المرتبة الأولى، فالقول قول أصحاب المرتبة الأولى.

وأما المرتبة الثالثة: فحُكم أهلها أن حديثهم حسن لذاته، يحتجُّ به بمفرده، بلا خلاف.

وأما المرتبة الرابعة: فالراجح عندي أنهم كالثالثة، حديثهم حسن لذاته كذلك، ويحتجُّ بهم، ولكن عند المعارضة بالطبقة التي قبلهم نُرجِّح التي قبلها، وهذا هو الذي جرى عليه العمل عند أئمة الجرح والتعديل.

وأما المرتبة الخامسة: فكذلك يحتجّ بها إذا لم يوجد في الباب ما هو أقوى من حديثهم، أو لم يخالفوا، وسنزيد هذا بحثًا في كلامنا على مصطلحات "التقريب".

قلت: الصحيح أنه يُحتجُّ بكل هذه المراتب، وحديثهم يكون بيْن الصحيح والحسن، وليس ضعيفًا كما يُفهم من قول الكثيرين، وإنما الذي يسبر حديثه من قيل فيه: صدوق يهم، صدوق يخطئ، صدوق اختلط، صدوق سيء الحفظ، ونحوهم؛ حيث نستبعد ما أخطئوا فيه، إذا لم نجد له عاضدًا ليس إلا. والباقي فحديثهم حسن، على الصحيح الذي جرى عليه العمل في علم الجرح والتعديل وتطبيقاته، وسنذكر أدلَّة ذلك عند الكلام عن "التقريب" في المتربة الخامسة والسادسة.

وأما أحاديث المرتبة الأولى، والثانية، والثالثة، من مراتب التجريح: فإنها تصلح للشواهد والمتابعات، ولا يقوم بأهلها حجَّة بمفردهم.

قلتُ: قد احتجَّ كثير من الأئمة بالحديث الضعيف ضعفًا يسيرًا -في الأحكام-، والذي

<<  <  ج: ص:  >  >>