وربما كان بعض الأسماء يدخل في ترجمتين فأكثر، فنذكره في أولى التراجم به، ثم ينبه عليه في الترجمة الأخرى، وبعد ذلك فصول فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه أو جده، أو أمه أو عمه، أو نحو ذلك، وفيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة، أو بلدة، أو صناعة، وفيمن اشتهر بلقب أو نحوه، وفيمن أُبْهِمَ، مثل: فلان، عن أبيه، أو عن جده، أو أمه، أو عمه، أو خاله، أو عن رجل، أو امرأة، ونحو ذلك، مع التنبيه على اسم من عُرِفَ اسمه منهم، والنساء كذلك.
والخصيصة التي تَمَيَّزَ بها كتاب المزي على غيره، أنه استوعب شيوخ الراوي وتلاميذه. فهذه هي النقطة الأساسية أو المرحلة الأولى عند دراسة الأسانيد، هي تعيين الراوي؛ أي: تمييزه عن غيره، وهي التي تُسمَّى عند علماء الحديث بالترجمة المعرفية.
تراجم الرواة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: ترجمة معرفية، وترجمة منقبية، وترجمة نقدية.
الترجمة المعرفية: هي التي تُميز الراوي بذكر اسمه، واسم أبيه، وجده، ونسبه، ولقبه، وكنيته، إلى غير ذلك من الخصائص التي تميز الراوي عن غيره، هذه تسمَّى ترجمة معرفية.
وكلمة ترجمة -على أية حالة- عربية صريحة، وليست منقولة من لغات الأخرى.
ثم هناك ترجمة أخرى، وهي الترجمة المنقبية: هي التي تذكر الصفات الخاصة بالراوي، فيما يتعلق بتزكيته وتعديله.
ثم بعد ذلك هناك تَرْجَمَة تسمَّى الترجمة النقدية: وهي التي تُعنى بكلام أهل العلم في الراوي جرحًا وتعديلا، وتمييزًا لها عن غيرها. وهذه يُستفاد بها عند الترجيح بين الروايات المتعارضة، وهذه يُراعى فيها عدَّةُ أشياء ليس هذا محل الكلام عليها.
فكتاب المزي رحمه اللَّه تعالى، اعتنى بهذه الجوانب الثلاثة في تمييز الراوي من غيره، وذكر كلام أقرانه، وشيوخه وتلاميذه، والطبقات التي بعده في بيان حسناته ومزاياه، ثم بعد ذلك كلام أهل العلم في الجرح والتعديل.
الحادي عشر؛ أي: من خصائص كتاب المزي رحمه اللَّه، ذكر ثلاثة فصول: أحدها: في شروط الأئمة الستة، والثاني: في الحثِّ على الرواية عن الثقات، والثالث: في الترجمة النبوية.