تعالى-، فإنهم رأوا عنده أشياء لم يصبروا عليها، وكتبوها ليعرفوها، فربما ذكر أحدهم عنه الشيء بعد الشيء على جهة التَّعَجُّب، فتداوله الناس بينهم، والدليل على صحة ما قلناه: ما أنبا به ابن فارس، قال: ثنا محمد بن رافع، قال: رأيت أحمد بن حنبل في مجلس يزيد بن هارون، ومعه "كتاب زُهير" عن جابر، فقلت له: يا أبا عبد اللَّه؛ تنهونَا عن حديث جابر وتكتبونه؟ قال: لنعرفه.
وزعم أبو إسحاق الصريفيني أن ابن حبان خرج حديثه في "صحيحه". فاللَّه أعلم. وفي "كتاب الساجي" عن يحيى بن معين: عجبًا لشعبة وسُفيان كيف حملا عنه! لا يكتب حديثه ولا كرامة.
قال الساجي: ثنا سلمة بن شبيب، ثنا الحميدي، عن ابن عيينة، قال: سمعت رجلا سأل جابر عن قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي}[يوسف: ٨٠]، فقال جابر: لم يجئ تأويلها بعد. فقال ابن عيينة: كذب. قلت: وما أراد بهذا؟ قال: الرافضة يقولون: إن عليًّا لا يخرجُ مع من يخرج من ولده حتى ينادي مُنادٍ من السماء: اخرجوا مع فلان. فيقول جابر: هذا تأويل هذا، ألا ترى أنه كان يؤمن بالرجعة.
وقال أبو داود الطيالسي: سمعت وكيعًا يقول: ما رأيت أحدًا أورع في الحديث من جابر ولا منصور.
أخبرني روح بن الفرج فيما كتب إليَّ، قال: سمعت أحمد بن صالح ذكر جابرًا فقال: إن حديثه ليعجبني، ما أعلم ترك الكتابة عنه إلا جرير وحده، وكلهم أكثر من حديثه، شعبة وسفيان إمامًا لهذا الأمر، وكان ابن عيينة كتب عنه، وسمع منه كلامًا فترك الكتابة عنه، ثم رجع بعد ذلك فكتب.
قال الساجي: لم يدع جابرًا ممَّن روى عنه إلا زائدة بن قدامة، فإنه تركه. وقال عبد الرحمن بن شريك: كان عند أبي عشرة آلاف مسألة عن جابر.
وذكر المزي روايته عن أبي الزبير، الرواية المشعرة عنده بالاتصال، وأبى ذلك البخاري، فقال في (كتاب القراءة خلف الإمام): لا يُدرى أَسَمِعَ جابر من أبي الزبير أم لا. وفي "كتاب ابن عدي": جاء رجل إلى أبي حنيفة، فقال: ما ترى في الأخذ عن الثوري؟ فقال: اكتب عنه ما خلا حديث أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، وحديث جابر الجعفي.
وقال ثعلبة: أردت جابر الجعفي، فقال لي ليث ابن أبي سليم: لا تأته فإنه كذاب.