للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أطال به الكتاب، من الأحاديث التي يُخرِّجها من مروياته العالية، من الموافقات والأبدال، وغير ذلك من أنواع العلو. فإن ذلك بالمعاجم والمشيخات أشبه منه بموضوع الكتاب، وإن كان لا يلحق المؤلف من ذلك عاب، حاشا وكَلا؛ بل هو واللَّه؛ العديم النظير، المطلع النحرير، لكن العمر يسير والزمان قصير، فحذفت هذا جملة، وهو نحو ثلث الكتاب.

ثم إن الشيخ رحمه اللَّه، قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة، واستيعاب الرواة عنه، ورتَّب ذلك على حروف المعجم في كل ترجمة، وحصل من ذلك على الأكثر، لكنَّه شيء لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره، وسببه انتشار الروايات وكثرتها، وتشعبها وسعتها، فوجد المتعنِّت بذلك سبيلا إلى الاستدراك على الشيخ، بما لا فائدة فيه جليلة ولا طائلة، فإن أجلّ فائدة في ذلك هو في شيء واحد، وهو إذا اشتهر أن الرجل لم يرو عنه إلا واحد، فإذا ظفر المفيد له براوٍ آخر، أفاد رفع جهالة عيْن ذلك الرجل برواية راويين عنه، فتتبع مثل ذلك والتنقيب عليه مهمٌّ.

وأما إذا جئنا إلى مثل سفيان الثوري، وأبي داود الطيالسي، ومحمد بن إسماعيل، وأبي زرعة الرازي، ويعقوب بن سفيان، وغير هؤلاء، ممَّن زاد عدد شيوخهم على الألف، فأردنا استيعاب ذلك، تعذَّر علينا غاية التعذر، فإن اقتصرنا على الأكثر والأشهر، بَطُل ادِّعاء الاستيعاب، ولا سيما إذا نظرنا إلى ما روى لنا، عن من لا يدفع قوله أن يحيى بن سعيد الأنصاري راوي حديث الأعمال، حدَّث به عنه سبع مائة نفس، وهذه الحكاية ممكنة عقلا ونقلا، لكن لو أردنا أن نتبع من روى عن يحيى بن سعيد فضلا، عن من روى هذا الحديث الخاص عنه، لَمَا وجدنا هذا القدر، ولا ما يقاربه.

فاقتصرت من شيوخ الرجل ومن الرواة عنه، إذا كان مكثرًا على الأشهر والأحفظ والمعروف، فإن كانت الترجمة قصيرة، لم أحذف منها شيئًا في الغالب، وإن كانت متوسطة، اقتصرت على ذكر الشيوخ والرواة الذين عليهم رقم في الغالب، وإن كانت طويلة، اقتصرت على من عليه رقم الشيخين مع ذكر جماعة غيرهم، ولا أَعْدل من ذلك إلا لمصلحة، مثل أن يكون الرجل قد عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة، فإنني أذكر جميع شيوخه أو أكثرهم؛ كشعبة، ومالك، وغيرهما.

ولم أَلْتَزِم سياق الشيخ والرواة في الترجمة الواحدة على حروف المعجم؛ لأنه لزم من ذلك تقديم الصغير على الكبير، فأحرص على أن أذكر في أول الترجمة أكثر شيوخ

<<  <  ج: ص:  >  >>