وفي "كتاب ابن عساكر": لما قيل له: إن حكيمًا الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم. قال: وما قال؟ قال:[الطويل]
صَلَبْنا لكم زيْدًا على جِذْعِ نَخْلَةٍ ... ولم نرَ مَهْديًّا على الجذْعِ يُصْلَبُ
وَقِسْتمْ بعثمانِ عَلِيًّا سَفاهةً ... وعثمانُ خيرٌ من عَليٍّ وأطيبُ
رفع يديه وهما ينتفضان إلى السماء، وقال: اللهم إن كان كاذبًا فسلط عليه كلبًا من كلابك.
قال: فخرج حكيم من الكوفة فأدلج، فافترسه الأسد وأكله، فلما جاء جعفر البشير خرَّ ساجدًا، وقال: الحمد للَّه الذي صدقنَا وعده. وقال الساجي: كان جعفر بن محمد صدوقًا مأمونًا، إذا حدث عنه الثقات فحديثه مستقيم، وإذا حدث عنه من دونهم اضطرب حديثه.
سمعت ابن المثنى يقول: ما سمعت عبد الرحمن بن مهدي يحدث عن سفيان، عن جعفر بشيء، ولا عن غيره عنه بشيء قط، وسمعت يحيى يحدث عنه. وسمعت بندارًا يقول: خطَّ عبد الرحمن بن مهدي على حديث نيف وثمانين شيخًا، روى عنهم الثوري، منهم جعفر بن محمد، وقال: جعفر بن محمد يقول مرة: عن أبيه، ومرة: عن آبائه.
قال أبو يحيى: وبلغني عن ابن معين، أو ابن سعيد، أنه قيل له: يقدم مجالدًا على جعفر بن محمد؟ فقال: كان جعفر أَوْثق من مجالد، ومن أين كان له أحاديث جعفر بن محمد، حديث جعفر مستقيم صحيح إذا حدث عنه الثقات، وإذا حدث عنه حماد بن عيسى ومغيث كاتبه فلا.
قال أبو يحيى: وقال يحيى بن سعيد: لولا جيراني هؤلاء النوفليين أخافهم ما حدثت عنه. قال أبو يحيى: ومغيث، وعلي ابن أبي علي اللهبي، ونظراؤهما، إنما كان جعفر يؤتى من قبلهم.
ورُوي عن يحيى بن معين، قال: يتحدث الناس -واللَّه أعلم- أن جعفر لما دخل على المنصور هو وعبد اللَّه بن حسن بن حسن، سأل عبد اللَّه عن ابنه، فقال: ما أدري أين هو؟ فأقبل جعفر على أبي جعفر، فقال: هذا يزعم أنه مثل أبي قحافة وَلّى ابنه وهو حي، فأكرم أبو جعفر جعفر بن محمد، وحبس عبد اللَّه بن حسن.
ولما ذكره ابن شاهين في "الثقات" قال: عثمان ابن أبي شيبة -سُئل عنه-: بمثل جعفر يُسئل عنه؟ وهو ثقة إذا روى عنه الثقات.