للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَلَّمَ فقالت: كان واللَّه كما قال فيه شاعره حسان (١): [الطويل]

مَتى يَبدُ في الداجي البَهيمِ جَبينُهُ ... يَلُج مِثلَ مِصباحِ الدُجى المُتَوَقِّدِ

فَمَن كانَ أَو مَن ذا يَكونَ كَأَحمَدٍ ... نِظامٌ لِحَقٍّ أَو نكالٌ لِمُلحِدِ

ولما قَالَ قَائِلٌ لِعَلِيٍّ: اهْجُ عَنَّا الْقَوْمَ الَّذِينَ يهَجَوْنَنا، فَقَال لي: ائذن لِي رَسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقلت: فقالوا: يا رَسُولَ اللَّه؛ ائذن له. فقال رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ عليًّا لَيْسَ عِنْدَه ما يراد في ذلك". ثُمَّ قال: "مَا يَمْنَعُ الْقَوْمَ الَّذِينَ نَصَرُوا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِلاحِهِمْ، أَنْ يَنَصُرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ ! ". فقال حَسَّان: أَنَا لَهَا، وَأَخَذَ بِطَرَفِ لِسَانِهِ، فَقَالَ: واللَّه مَا يَسُرُّنِي بِهِ مِقَوْلا بين بُصْرَى وَصَنْعَاءَ، فقال رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَكَيْفَ تَهْجُوهُمْ، وَأَنَا مِنْهُمْ؟ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي؟ ! "فقال: واللَّه لأسُلنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. فقال له: "ائت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك" (٢). فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا: إن هذا لشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة فقال حسان في أبي سفيان (٣): [الطويل]

أبلغ أبا سفيان أن محمدًا ... هوَ الغُصْنَ ذو الأفنان لا الوَاحدُ الرعد

وما لكَ فيهمْ مجيد ... مثلَ ما لصقَ القردُ

وَإنَّ سَنَامَ المَجْدِ في أهل هاشِمٍ ... بَنُو بنتِ مخزومٍ وَوَالدُكَ العَبْدُ

ومن ولدتْ أبناء زهرةَ منهم ... كرام ولم يقربْ عجائزكَ المجدُ

وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ ولا كابْنِ أُمه ... ولكن لئيم لا يقوم له زند

وإن امْرَأ كانَتْ سُمَيةُ أُمَّهُ ... وسمراء مغموز إذا بلغ الجهد

وأنت هجين نيط في آل هاشم ... كما ينط خلف الراكب القدح الفرد

وفي "كتاب أبي الفرج الأصبهاني": عن أبي عبيدة قال: فضل حسَّان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النبوة، وشاعر اليمن في الإسلام، وأجمعت العرب على أن أشعر أهل المدر: يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسَّان بن ثابت. وقال أبو عبيدة وأبو


(١) انظر: ديوان حسان ١/ ٥٠، الحماسة المغربية ١/ ٣.
(٢) أخرجه أبو يعلى ٧/ ٣٤١، رقم ٤٣٧٧، وابن عساكر ١٢/ ٣٩٩.
(٣) انظر: العقد الفريد ٢/ ٣١٦، خزانة الأدب ٩/ ٣٥٣، ديوان حسان ١/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>