للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمرو ابن العلاء: أشعر أهل الحضر حسَّان.

وقال الأصمعي: الشعر نكد يقوى في الشرِّ وسهل، فإذا دخل في الخير ضعف، وكان حسَّان فحلا من فُحول الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره. وقال مرة أخرى: شعر حسَّان في الجاهلية من أجود الشعر.

وقيل لحسَّان: لان شعرك في الإسلام يا أبا الحسام. فقال: إِنَّ الإسلام يمنع عن الكذب، والشعر إنما يُزينه الكذب.

وقال الحطيئة: أبلغوا الأنصار أن شاعرهم أشعر العرب حيث يقول (١): [الكامل]

يُغشَونَ حَتَّى ما تَهِرُّ كِلابُهُم ... لا يَسأَلونَ عَنِ السَوادِ المُقبِلِ

وقال عبد الملك بن مروان: إن أمدح بيت قالته العرب بيت حسَّان يعني هذا. وأما ما حكي من جبنه فأنكر جماعة من أهل العلم ذلك، وقالوا لو كان حَقًّا؛ لهجي به، فإنه قد هاجا قومًا فلم يهجه أحد منهم بالْجُبن، وقيل: إِنَّمَا أصابه الجبن مُذ ضربه صفوان بن المعطل بالسيف.

وقال ابن إسحاق: "أعطى رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسَّان عِوضًا من ضربة صفوان الموضع الذي بالمدينة، وهو قصر ابن حديلة، وأعطاه سيرين أخت مارية"، تُوفي قبل الأربعين في خلافة علي بن أبي طالب، وقيل: سنة خمسين. وكان أدرك النابغة الذبياني والأعشى أبا بصير وأنشدهما فقالا: إنك شاعر.

ومن جيد شعره ما ارْتَجَله بين يدي النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قَدِمَ وفد بني تميم ونادوه من وراء الحجرات (٢): [البسيط]

إِنَّ الذَوائِبَ مِن فِهرٍ وَإِخوَتَهُم ... قَد بَيَّنوا سُنَّةً لِلناسِ تُتَّبَعُ

يَرضى بِها كُلُّ مَن كانَت سَريرَتُهُ ... تَقوى الإلَهِ وَبِالأمرِ الَّذي شَرَعوا

قَومًا إِذا حارَبوا ضَروا عَدُوَّهُمُ ... أَو حاوَلوا النَفعَ في أَشياعِهِم نَفَعوا

سَجِيَّةٌ تِلكَ مِنهُم غَيرُ مُحدَثَةٍ ... إِنَّ الخَلائِقَ -فاعلم- شَرُّها البِدَعُ

لو كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع

لا يَرفعُ الناسُ ما أَوهَت أَكُفُّهُمُ ... عِندَ الدِفاع وَلا يوهونَ ما رَقَعوا


(١) انظر: الأغاني ٩/ ٣٢٩، العقد الفريد ١/ ١١٠، العمدة ١/ ١٥٦، خزانة الأدب ٢/ ٣٦٤، دلائل الأعجاز ١/ ٣٥٠.
(٢) انظر: الأغاني ٤/ ١٥٥، المستطرف ١/ ٢٩٤، جواهر الأدب ١/ ٣٢٥، نهاية الأرب ١٨/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>