قال أبو حاتم: كان بلية الحسن التدليس عن الثقات ما وضع عليهم الضعفاء، كان يسمع من موسى بن مطر، وأبي العطوف، وأبان بن أبي عياش وأضرابهم ثم يسقط أسمائهم ويرويها عن مشايخهم الثقات، فلما رأى شعبة تلك الأحاديث الْمَوْضُوعة التي يَرْويها عن أقوامٍ ثِقات أنكرها عليه وأطلق عليه الجرح، ولَمْ يَعْلَم أنَّ بينه وبينهم هؤلاء الكذَّابين أسقطهم من الأخبار؛ حَتَّى أَلْزَقَ به الموضوعات وهو صاحب حديث الدعاء الطويل بعد الوتر وهو جالس.
وفي "كتاب ابن عدي"، عن ابن عُيينة قال: كنتُ إذا سمعت الحسن يحدث عن الزهري جعلت إصبعي في أذني. وقال عصام بن رواد: سألتُ أبي عن قصة شعبة والحسن، فقال: كان الحسن مُوسِرًا، والحكم بن عُتيبة مقلا، فضمه الحسن إلى نفسه، وأَجْرَى عليه الرزق فحدَّثه بقريب من عشرة آلاف قضية عن شريح وغيره، وسَمِعَ شُعبة من الحكم شيئًا يسيرًا، فلمَّا تُوفي الحكم قال شعبة للحسن: من رأيك أن تحدث عن الحسن بكل ما سمعته؟ فقال: نعم، ما أكتم شيئًا سمعته، قال: فقال شُعبة: مَنْ أَراد أَنْ ينظر إلى أَكْذب الناس فَلْيَنْظر إلى الحسن، فقَبِلَ مِنْهُ وترك الحسن.
وقال الفضل بن مساور: قال الحسن: أرسل إليَّ شُعبة يستسلفني خمس مائة درهم ولَمْ تَكن عندي، ولو كانت عندي لأسلفته، فاحتمل ذاك علي، وقال في.
قال أبو يعلى الموصلي: كذب الحسن، وقال محمد بن جعفر: كان شُعبة يقع في الحسن، ثُمَّ حدَّث عنه، وذكر أبو أحمد مِمَّن رَوَى عنه إسماعيل بن يحيى بن عبيد اللَّه -أحد الضعفاء-، ومعاوية بن هشام، ومسروح بن عبد الرحمن -أحد المجاهيل- وبكر بن بكَّار.
وقول الْمِزِّي: قال يحيى بن بكير: مات سنة ثلاث وخمسين. يُوهِم أَنَّه رأى كلام ابن بكير، وليس كذلك إِنَّمَا نقله عنه بوساطة صاحب "الكمال" فيما أرى نقله عنه بوساطة الخطيب، والخطيب نفسه نَصَّ في كتابه أنَّه تَلقى ذلك من "تاريخ البخاري" فالعدول عن ذِكر ذلك كله غير جيد.
ومِمَّن نَصَّ على وفاته في هذه السنة: ابن عدي في كتابه "الكامل"، وابن حِبَّان، وابن سعد في "الطبقات"، والإمام أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل في "تاريخيه الكبير والصغير"، والقراب، وعبد الباقي بن قانع، ويعقوب بن سفيان الفسوي في "تاريخه الكبير"، وأبو بشر الدولابي وابن أبي خيثمة في "التاريخ الأوسط" وغيرهم، واللَّه أعلم.