للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأما اعتماد الشيخ في عدم تفرقته بين ما سمعه من الشخص ممَّا لم يسمعه، وإنما نصَّ في ذلك كله بلفظ (روى)، ففيه لبس على من لم. . . .، والتفرقة هي الصحيح، وعليه عمل الأئمة، والسعيد من عُدت سقطاته وحُسبت هفواته؛ إذ الإنسان لا يسلم من سهو أو نسيان، ومُعْتَقَدِي أن لو كان الشيخ حَيًّا لَرَحَّبَ بهذا الإكمال، وكان استكتب منه الأسفار، وجعله عدة في الأسفار، لما بلغنا من كثرة إنصافه وعدم إخلائه.

وكان مبدأ الشروع في كَتب هذه المسودة قبل شهر اللَّه رجب بقليل، عام أربع وأربعين وسبع مائة، على حين تقسم من القلب، واضطراب من الحال، فلأثر هذه الشواغل داخل هذه الدواعي ما يذهل ويشغل وينسى ما قد حفظ، مع علمي أنه لا بد أن يقع هذا الكتاب في يد أحد رَجُليْن؛ إما عالم يعلم مقدار تعبي وكيفية نصبي؛ لأنني أتتبع كل لفظة يذكرها الشيخ من أصلها. . . .، ثم أذكر الزيادة عليها بحسب ما يتفق، ولعله يكون في أكثر التراجم من التوثيق والتجريح، وشبههما قدر ما في كتاب الشيخ مرات متعددة، وذلك يظهر بالمقابلة بين الكلاميْن مع دراية وإنصاف، [الكامل] (١):

سَبَقَ الأوَائِلَ مَعْ تَأَخُّرِ عَصْرِهِ ... كَمْ آخِرٍ أَزْرَى بِفَضْلِ الأوَّلِ

فيصلح سهوًا إن وقع، ويغتفر زللا إن صدر؛ لاعترافي قبل اقترافي، وإقراري قبل إيرادي وإصداري.

وإما جاهل حسود أحب الأشياء إليه وأملكها لديه عيب أهل العلم، والتسرع إلى [ذم] أهل الفهم، لبعد شكله عن أشكالهم؛ ولذلك قيل: من جَهلَ شيئًا عَابَهُ، ومن حسد امرءًا اغْتَابَهُ.

واللَّه تعالى المستعان، وعليه التكلان، وهو حسبي ونعم الوكيل.


(١) انظر: معجم الأدباء ٢/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>