فلما قعد بنو العباس راوده المنصور أن يلي الحكم فأبى وخرج إلى الكوفة هاربًا للنصف من ذي القعدة سنة خمس وخمسين، ثم لم يرجع إليها حتى مات بالبصرة في دار ابن مهدي في شعبان سنة إحدى وستين، وقبره في مقبرة بني كليب وقد زرته وكان قد أوصى إلى عمار بن سيف بكتبه أن يمحوها ويدفنها وليس له عقب.
وفي "تاريخ البخاري": قال لنا عبدان عن ابن المبارك كنت إذا شئت رأيت سفيان مصليًا، وإذا شئت رأيته محدثًا، وإذا شئت رأيته في غامض الفقه.
وقال لي أحمد: ثنا موسى بن داود: سمعت سفيان يقول سنة ثمان وخمسين: لي إحدى وستون سنة، وخرج من الكوفة سنة أربع وخمسين.
وفي "كتاب ابن أبي حاتم": ولد بأثير.
أنبا أبو العباس بن الوليد، أخبرني أبي، عن الأوزاعي، أنه ذكر العلماء وزهادهم، فقال: لم يبق منهم يجتمع عليه العامة بالرضا والصحة؛ إلا ما كان من رجل واحد بالكوفة.
قال العباس: يعني: الثوري.
وقال زائدة: كان أعلم الناس في أنفسنا.
وقال حماد بن أبي سليمان لسفيان، وكان يأتيه إن هذا الفتى مصطنعا ما بالعراق أحد يحفظ الحديث إلا الثوري، وما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام منه وأنا من غلمانه، وكان وهيب يقدمه في الحفظ على مالك.
وقال عبد الرحمن بن الحكم: ما سمعت بعد التابعين بمثل سفيان.
وقال ابن مهدي: أئمة الناس في زمانهم أربعة، فبدأ بالثوري.
وقال الوليد بن مسلم: رأيته بمكة يُستفتى ولما يخط وجهه بعد، وكان يقول: سلوني عن المناسك والقرآن، فإنني بهما عالم، وقيل لمعاذ بن معاذ: أي أصحاب أبي إسحاق أثبت؟
فقال: شعبة، وسفيان، ثم سكت.
وقال أحمد بن حنبل: سفيان أحفظ للإسناد، وأسماء الرجال من شعبة، وهو أحب إلي في حديثه عن الأعمش من شعبة.
وقال أبو حاتم: هو أحفظ أصحاب الأعمش وهو ثقة حافظ زاهد إمام أهل العراق وأتقن أصحاب أبي إسحاق وهو أحفظ من شعبة وإذا اختلف الثوري وشعبة فالثوري