الحديث، ولا مولده معروف، فيستبعد سماعه منه، وقد ذكر ابن أبي حاتم في كتاب "الجرح والتعديل" أنه رُوي عنه: (لأمنعن فروج ذوات الأنساب إلا من الأكفاء).
ولم يعترض على هذه الرواية، ولا ذكره في كتاب "المراسيل"، ولا "العلل"، ولا "التاريخ"، فسكوته عنه في هذه المواضع إشعار منه بألا نظر فيه، إذ لو كان فيه نظر لما أهمله كجاري عادته، وإن كنا لا نرى سكوته كافيًا لعدم الْتِزَامه ذلك، ولكنا لم نر أحدًا نص عليه فتأنسنا بسكوته.
ويزيد ذلك وضوحًا قول الزبير: بقي حتى أدرك هشامًا، فهذا فيه بيان واضح أنه عُمِّرَ عُمْرًا طويلا، فلا مانع على هذا إدراكه لعُمر، واللَّه تعالى أعلم.
وأظن واللَّه أعلم سلفه في ذلك صاحب "الكمال"، وصاحب "الكمال" سلفه فيه فيما أظن اللالكائي، فإنه قال: سمع عائشة، وابن عمرو، وأبا أسيد، وروى عن عمر، وأبي هريرة.
وفي "تاريخ أبي الفرج الأصبهاني الكبير": لمّا ولي الحجاج بعد قتل ابن الزبير، أشخص إبراهيم بن طلحة معه وقربه في المنزلة، فلم يزل على حاله عنده معادلا له لا يترك من بره وتعظيمه وإجلاله شيئًا، فلما حضر باب عبد الملك حضر به معه، فلما دخل الحجاج لم يُبد بشيء بعد السلام، إلا أن قال: يا أمير المؤمنين؛ قدمت عليك برجل أهل الحجاز، لم أدع له واللَّه فيها نظيرا في كمال المروءة، والديانة، والأدب، والستر، وحسن المذهب، والطاعة والنصيحة مع القرابة، ووجوب الحق؛ إبراهيم بن محمد بن طلحة، وقد أحضرته ببابك ليسهل عليه إذنك وتلقاه ببرك، وتفعل به ما يفعل بمثله. فقال عبد الملك: ذكرتنا واجبًا حقًّا، ورحمًا قريبة، يا غلام؛ ائذن له، فلما دخل عليه قرَّبه حتى أجلسه على فرشه، ثم قال: يا ابن طلحة؛ إن أبا محمد ذكرنا لم نزل نعرفك به من الفضل، وحسن المذهب، ووجوب الحق، فلا تدعن حاجة في خاص أمرك ولا عام إلا ذكرتها. فقال: يا أمير المؤمنين؛ إن أَوْلَى الأمور أن تفتح بها الحوائج، ويرجى بها الزلف ما كان للَّه عز وجل رضى، ولحق نبيه صلى اللَّه عليه وسلم أداؤه، ولك فيها ولجماعة المسلمين نصيحة، وعندي نصيحة لا أجد بُدًّا من ذكرها فأخلني. قال: دون أبي محمد. قال: نعم. فأخلاه. فقال: قل. فقال: يا أمير المؤمنين؛ إنك عمدت إلى الحجاج مع تغطرسه، وتعترسه، وتعجرفه، وبعده عن الحق، وركونه إلى الباطل، فوليته الحرمين وفيهما من فيهما، وبهما من بهما من المهاجرين، والأنصار، والموالي