يَا أَيُّهَا الَّذِي قَدْ غَرَّهُ الأمَل ... وَدُونَ مَا يَأمَل التَّنْغِيصُ وَالأجَلُ
أَلا تَرَى إِنَّمَا الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ... كَمَنْزِلِ الرَّكْبِ حَلَّوْا ثُمَتَ ارْتَحَلُوا
ختُوفُهَا رَصْدٌ وَعَيْشُهَا نَكَدُ ... وَصَفْوُهَا كَدَرٌ وَمُلْكُهَا دُوَلُ
تَظَلُّ تُفْزِعُ بِالرُّوعَاتِ سَاكِنَهَا ... فما يسوغ له لين ولا جذل
كَأَنَّهُ لِلْمَنَايَا وَالرَّدَى غَرَضٌ ... تظل فيه بنات الدهر تنتضل
تديره ما أدارته دوائرها ... منها المصيب ومنها المخطئ الزلل
وَالنَّفْسُ هَارِبَةٌ وَالْمَوْت يرصدها ... فكل عَثْرَةِ رِجْلٍ عِنْدَهَا جَلَلُ
وَالْمَرْءُ يَسْعَى بِمَا يَسْعَى لِوَارِثِهِ ... وَالْقَبْرُ وَارِثُ مَا يَسْعَى لَهُ الرَّجُلُ
وقال الحسن البصري: نِعْم الفتى عمرو إن لم يحدث، وقال يونس بن عبيد لابنه: أَنْهاك عن الزنا والسرقة وشُرب الخمر، ولأن تلقى اللَّه تعالى بِهن أحبُّ إليَّ من أن تَلْقَاه برأي عمرو وأصحابه، وقال عيسى بن يونس: سلم عمرو بن عبيد على ابن عون فلم يرد عليه وجلس إليه فقام عنه.
وعن حماد بن زيد قال: كنت مع أيوب ويونس وابن عون فمرَّ بهم عمرو فسلم عليهم ووقف وقفة فما ردوا عليه، ثُمَّ جاز فما ذكروه. وقال سعيد بن عامر لأيوب: يا أبا بكر؛ إن عمرًا قد رجع عن قوله، وكان الناس قد قالوا ذلك تلك الأيام؛ فقال أيوب: إِنه لم يرجع. ثُمَّ قال: أما سمعت قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ثمَّ لا يعودون فيه (١) ".
وقال سلام بن أبي مطيع: قال لي أيوب: كيف تثق بحديث رجل لا تثق بدينه -يعني- عمرو بن عبيد؟ قال: ورأيته هو وشبيب بن شبَّة ليلة يتخاصمون إلى طلوع الفجر فَمَا صلوا ركعة، وعن ابن عيينة قال: قدم أيوب وعمرو مكة فطاف أيوب؛ حَتَّى أصبح، وخاصم عمرو حتى أصبح. وقيل لعبيد أبيه: إن ابنك يختلف إلى الحسن ولعله أن يجيء منه خير، فقال: وأي خير يكون من ابني وقد أصبت أمه من غلول وأنا أبوه! وكان من حرس السجن، وقال أبو عوانة: ما جالسته إِلا مرَّة فتكلم وطول، ثم قال: لو
(١) أخرجه أحمد ٣/ ١٩٧، رقم ١٣٠٥٩، وأبو داود ٤/ ٢٤٣، رقم ٤٧٦٦، وابن ماجه ١/ ٦٢، رقم ١٧٥، والحاكم ٢/ ١٦١، رقم ٢٦٤٩، وقال: صحيح على شرط الشيخين. والضياء ٧/ ١٥، رقم ٢٣٩١. وأخرجه أيضًا: أبو يعلى ٥/ ٣٣٧، رقم ٢٩٦٣.