فالحافظ ابن حجر رحمه اللَّه تعالى، اقتصر على مشاهير شيوخ الراوي وتلاميذه، يعني: المزي هنا يأتي بكل الرواة الذين رَوَى عنهم الراوي، وكل التلاميذ الذين رَوَوْا عنه.
جاء الحافظ ابن حجر هنا، فاختصر في مسألة الشيوخ والتلاميذ هذه، رفع من كل راوٍ النصف أو الثلثيْن، وأبقى الثلث منه، أو يذكر سبعة ثمانية رواة من الذين تدور عليهم أحاديث الراوي، والمزي رحمه اللَّه تعالى، زاد على "الكمال"، وهو يصنِّف كتابه "التهذيب": أنه بعد ما يُورد ترجمة الراوي يأتي بحديث من مروياته، يقول: حدثنا فلان عن فلان إلى أن يذكر هذا الشيخ الذي يترجم له.
يعني: مثلا يترجم لشعبة، وبعد ما ينتهي من الكلام على ترجمة شعبة، يقول: وقد وقع لي من حديثه عاليًا: حدثنا فلان، عن فلان، عن فلان، إلى أن يأتي على شعبة، ويذكر ما فوق شعبة إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، ويذكر حديثًا، أو حديثيْن، أو ثلاثة أحيانًا، فزاد حجم الكتاب جدًّا.
ومرويات المزي في "تهذيب الكمال" تُمثّل تقريبًا من ربع إلى ثلث الكتاب، فالحافظ ابن حجر رفع هذا من الكتاب، التي هي مرويات المزي، التي ساقها بأسانيده عَقِبَ ترجمة كل راوٍ أو معظم الرواة؛ لأن هناك رواة لم يُذكر لهم أحاديث.
وزاد الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه تعالى، على كلام المزي في "التهذيب"، كلام المغاربة على الرواة، علماء المغرب لهم كتب، وعلماء الأندلس، فجاء بكلام المغاربة كلامٍ في الجرح والتعديل، زيادة على ما أتى به المزي رحمه اللَّه تعالى.
لكن يبقى للمزي مَزِيَّة ليست لغيره، وهي أن المزي رحمه اللَّه تعالى يُورد جميع تلاميذ الراوي وشيوخه، أنا إن لم أنظر في "تهذيب الكمال"، لن أستطيع تعيين الراوي، فقد تجد راويًا اسمه متشابه مع سبعة رواة في اسم الأب والجد؛ فمن الذي يفصل لك في تعيين الراوي أن هذا فلان بعيْنه؟ "تهذيب الكمال"، وليس "تهذيب التهذيب" رغم الاختصار، ورغم الإتيان بكلام هو كلام في الحقيقة لا يَفْصل، لا يُقدم ولا يُؤخر في حال الراوي؛ لأنه كلام متأخرين، والعمدة في الجرح والتعديل على كلام المتقدمين.
جاء الحافظ ابن حجر فاختصر "تهذيب التهذيب" في "تقريب التهذيب". و"تقريب التهذيب" طُبعَ في مجلديْن طبعة قديمة، بعناية الشيخ عبد الوهاب