للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد اللطيف، ثم هناك نسخة لصلاح عبد الموجود، ونسخة لواحد أفغاني أو باكستاني، اسمه: شغيف أحمد، وقدَّم لها الشيخ بكر أبو زيد، وهي تعتبر أتقنَ النُّسخ.

و"تقريب التهذيب" يضع يدك على حال الراوي في جملة واحدة، يعني: بعد أن يذكر اسم الراوي، ومثلا الطبقة، أنه في الطبقة الثانية في التابعين، أم في أتباع التابعين، أم كما سنُبيّن عند الكلام عليه، يقول لفظًا واحدًا: ثقة، صدوق، ضعيف، صدوق يهم، صدوق له أوهام، كذاب. فيأتي في حال الراوي يفصل فيه بكلمة واحدة، وقَلَّ أن تجد راويًا من رواة "التقريب" سكت عنه الحافظ، لم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا.

والمزي هو يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي بن عبد الملك بن علي ابن أبي الزهر، الكلبي القضاعي الدمشقي، الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي، الحافظ، حامل راية السنَّة والجماعة، والقائم بأعباء هذه الصناعة، والمتدرع جلباب الطاعة، إمام الحُفاظ كلمة لا يجحدونها، وشهادة على أنفسهم يؤدُّونها، ورتبة لو نشر أكابر الأعداء لكانوا يودُّونها، واحد عصره بالإجماع، وشيخ زمانه الذي تصغي لما يقول الأسماع، والذي ما جاء بعد ابن عساكر مثله، وإن تكاثرت جيوش هذا العلم فملأت البقاع، جد طول حياته فاستوعب أعوامها، واستغرق بالطلب لياليها وأيامها، وسهر الدياجي في العلم إذا سهرها غيره في الشهوات أو نامها.

ذكره الإمام الذهبي في "تذكرة الحافظ"، وأطنب في مدحه وقال: نظر في اللغة ومهر فيها وفي التصريف، وقرأ العربية، وأما معرفة الرجال، فهو حامل لوائها، والقائم بأعبائها، لم تر العيون مثله. انتهى.

وذكره في "المعجم المختص" وأطنب، ثم قال: يشارك في الفقه والأصول، ويخوض في مضايق المعقول، فيؤدي الحديث كما في النفس متنًا وإسنادًا، وإليه المنتهى في معرفة الرجال وطبقاتهم. انتهى.

قال الذهبي: ما رأيت أحفظ منه، وأنه بلغني عنه أنه قال: ما رأيت أحفظ من أربعة: ابن دقيق العيد، والدمياطي، وابن تيمية، والمزي؛ وترتيبهم حسبما قدَّمنَاه، وأنا لم أر من هؤلاء الأربعة غير المزي.

وبالجملة كان المزي أعجوبة زمانه، يقرأ عليه القارئ نهارًا كاملا، والطرق تضطرب والأسانيد تختلف، وضبط الأسماء يشكل، وهو لا يسهو ولا يغفل، يُبيِّن وجه الاختلاف، ويُوضِّح ضبط المُشكل ويعيِّن المُبْهم، يَقِظ لا يغفل عند الاحتياج إليه، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>